نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَمَآ ءَاتَيۡنَٰهُم مِّن كُتُبٖ يَدۡرُسُونَهَاۖ وَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهِمۡ قَبۡلَكَ مِن نَّذِيرٖ} (44)

ولما بارزوا بهذا القول من غير أثارة من{[57075]} علم ولا خبر من{[57076]} سمع ، بين ذلك معجباً من شأنهم ، موضحاً لعنادهم ، بقوله مؤكداً إشارة إلى أن ما يجترئون عليه من الأقوال التي لا سند لها إلا التقليد لا يكون إلا عن{[57077]} كتاب أو رسول : { وما } أي قالوا ذلك والحال أنا ما { آتيناهم } أي هؤلاء العرب أصلاً لأنه{[57078]} لم ينزل عليهم قط قبل القرآن كتاب ، وعبر بمظهر العظمة إشارة إلى أن هذا مقام خطر وموطن وعر جداً لأنه{[57079]} أصل الدين ، فلا يقنع فيه إلا بأمر عظيم ، وأكد هذا المعنى بقوله : { من كتب } بصيغة الجمع مع تأكيد النفي بالجار قبل كتابك الجامع{[57080]} { يدرسونها } أي يجددون دراستها في كل حين ، فهي متظاهرة الدلالة باجتماعها على معنى واحد متواترة عندهم لا شبهة في أمرها ليكون ذلك سبباً للطعن{[57081]} في القرآن إذا خالف تلك الكتب { وما أرسلنا } أي إرسالاً لا شبهة فيه لمناسبته لما لنا من العظمة{[57082]} { إليهم } أي خاصة ، بمعنى أن ذلك الرسول مأمور بهم باعيانهم ، فهم مقصودون بالذات ، لا أنهم داخلون في عموم ، أو مقصودون من باب الأمر بالمعروف في جميع الزمان الذي{[57083]} { قبلك } أي من قبل رسالتك الجامعة لكل رسالة ليخرج إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام فإنهما كانا في بعض الزمان الماضي ، أو أن المراد{[57084]} في الفترة بعد عيسى عليه السلام كما تقدم في السجدة نقله عن ابن عباس ومقاتل ، ويجوز أن يراد بعد إسماعيل عليه السلام لأن عيسى عليه السلام - وإن أرسل إلى العرب رسله - لم يكن مرسلاً إلا{[57085]} إلى قومه ، وإرساله إلى غيرهم إنما هو من باب الأمر بالمعروف ، وشعيب عليه السلام إنما كانت رسالته إلى طائفة أو أثنتين منهم وقد يقال{[57086]} : الذي يدل عليه استغراق جميع الزمان الماضي بالتجريد عن الخافض أن المراد إنما هو نفي الإرسال بهذا الباطل الذي إدعوه لا مطلق الإرسال ، وأكد النفي بقوله : { من نذير * } أي ليكون عندهم قول منه يغير{[57087]} في وجه{[57088]} القرآن ، فيكون حاملاً لهم على الطعن .


[57075]:زيد من ظ وم ومد.
[57076]:زيد من ظ وم ومد.
[57077]:سقط من ظ.
[57078]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لأنهم.
[57079]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: إلا أنه.
[57080]:زيد من ظ ومد.
[57081]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: للظن.
[57082]:زيد من ظ ومد.
[57083]:زيد من ظ ومد.
[57084]:زيد من ظ ومد.
[57085]:زيد من ظ وم ومد.
[57086]:زيد من ظ ومد.
[57087]:من م ومد، وفي الأصل: يفير، وفي ظ: يعبر.
[57088]:في ظ: وجهه.