لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَمَآ ءَاتَيۡنَٰهُم مِّن كُتُبٖ يَدۡرُسُونَهَاۖ وَمَآ أَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهِمۡ قَبۡلَكَ مِن نَّذِيرٖ} (44)

قوله جل ذكره : { وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ } .

الإشارة من هذا إلى أهل الغفلة ؛ يعارضون أصحابَ القلوب فيما يجري من الأمور ، بما تشوِّش إليهم نفوسُهم ، ويخطر ببالهم من هواجسهم عن مُقْتَضَى تفرقةِ قلوبهم -على قياس ما يقع لهم - مِنْ غيرِ استنادٍ إلى إلهامٍ ، أو اعتمادٍ على تقديرٍ من الله وإفهام .

وأهلُ الحقائق - الذين هم لسانُ الوقت - إذا قالوا شيئاً أو أطلقوا حديثاً ، فلو طولبوا بإقامة البرهان عليه لم يمكنهم ؛ لأن الذي يتكلم عن الفراسة أو عن الإلهام ، أو كان مُسْتَنْطَقاً فليس يمكن لهؤلاء إقامة الحجة على أقوالهم . وأصحابُ الغفلة ليس لهم إيمان بذلك ، فإذا سمعوا شيئاً منه عارضوهم فيهلكون ، فسبيلُ هؤلاء الأكابر عند ذلك أن يسكتوا ، ثم الأيام تجيب أولئك .