قوله تعالى : " وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا " هذا من قول الله تعالى للإنس أي وأن الجن ظنوا أن لن يبعث الله الخلق كما ظننتم . الكلبي : المعنى : ظنت الجن كما ظنت الإنس أن لن يبعث الله رسولا إلى خلقه{[15449]} يقيم به الحجة عليهم . وكل هذا توكيد للحجة على قريش ؛ أي إذا آمن هؤلاء الجن بمحمد ، فأنتم أحق بذلك .
ولما كان التقدير : فضل{[69040]} كل من الفريقين بالآخر ضلالاً بعيداً حتى أبعدوا عن الشرائع النبوية ، واعتقدوا ما لا يجوز اعتقاده من التعطيل واعتقاد الطبيعة ، فلا يزال الأمر هكذا أرحام تدفع وأرض تبلع ولا رسول يهديهم ولا بعث للأرض على بارئهم ، عطف عليه{[69041]} قولهم مؤكدين في قراءة الكسر إشارة إلى ظهور{[69042]} دلائل البعث ، وأنه لا يكاد يصدق أن أحداً يكذب به منبهاً على أن الأهواء والأغاليط قد يتطابق{[69043]} عليها الجم الغفير ، حثاً للمهتدي على أن لا يستوحش في طريق الهدى لقلة السالكين ، ولا يغتر بطرق{[69044]} الردى لكثرة الهالكين : { وأنهم } أي الإنس إن كانوا يخاطبون{[69045]} الجن ، والجن إن كانوا يخاطبون الإنس { ظنوا } أي الجن أو{[69046]} الإنس ظناً ليسوا فيه على ثلج والظن قد يصيب ، وقد يخطىء وهو أكثر { كما ظننتم } أي أيها الجن أو{[69047]} الإنس ، والمعنى في قراءة الفتح : وأوحى إليّ أن الإنس أو الجن ظنوا ، وسدوا{[69048]} عن مفعولي " ظن " بقولهم : { أن } أي أن الشأن العظيم { لن } أكد للدلالة على شدة إنكارهم لذلك { يبعث } وأشاروا إلى{[69049]} خطأ هذا الظن بالتعبير بالجلالة فقالوا : { الله } أي الذي له الإحاطة الكاملة علماً وقدرة { أحداً * } أي بعد موته لما لبس به{[69050]} عليهم إبليس حتى رأوا حسناً ما ليس بالحسن ، أو أحدا من الرسل{[69051]} يزيل به{[69052]} عماية الجهل وما عليه الإنس {[69053]}من استغواء{[69054]} الجن لهم وغير ذلك من الضلال ، وقد ظهر بالقرآن أن هذا الظن كاذب وأنه لا بد من البعث في الأمرين لأنه حكمة الملك وخاصة الملك .
قوله : { وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا } يعني وأن الإنس قد ظنوا كما ظننتم أيها الجن أن الله لن يبعث أحدا بعد الموت . أو العكس وهو أن الجن قد ظنوا كما كنتم تظنون أيها المشركون من الإنس أن الله لن يبعث أحدا بعد الموت . أي أن الجن كانوا ينكرون البعث كإنكاركم ثم بسماع القرآن اهتدوا وأقروا بالبعث فهلا أقررتم كما أقروا{[4653]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.