أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ نَّاعِمَةٞ} (8)

وجوه يومئذ ناعمة ذات بهجة أو متنعمة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ نَّاعِمَةٞ} (8)

يتبادر في بادىء الرأي أن حق هذه الجملة أن تعطف على جملة { وجوه يومئذٍ خاشعة } [ الغاشية : 2 ] بالواو لأنها مشاركة لها في حكم البيان لحديث الغاشية كما عطفت جملة : { ووجوه يومئذ عليها غبرة } [ عبس : 40 ] على جملة : { وجوه يومئذ مسفرة } في سورة عبس ( 38 ) . فيتجهُ أن يُسأل عن وجه فصلها عن التي قبلها ، ووجه الفصل التنبيه على أن المقصود من الاستفهام في { هل أتاك حديث الغاشية } [ الغاشية : 1 ] الإِعلام بحال المعرَّض بتهديدهم وهم أصحاب الوجوه الخاشعة فلما حصل ذلك الإِعلام بجملة : { وجوه يومئذٍ خاشعة } [ الغاشية : 2 ] إلى آخرها تم المقصود ، فجاءت الجملة بعدها مفصولة لأنها جعلت استئنافاً بيانياً جواباً عن سؤال مقدر تثيره الجملة السابقة فيتساءل السامع : هل من حديث الغاشية ما هو مغاير لهذا الهول ؟ أي ما هو أنس ونعيم لقوم آخرين .

ولهذا النظم صارت هذه الجملة بمنزلة الاستطراد والتتميم ، لإظهار الفرق بين حالي الفريقين ولتعقيب النذارة بالبشارة فموقع هذه الجملة المستأنفة موقع الاعتراض ولا تنافي بين الاستئناف والاعتراض وذلك موجب لفصلها عما قبلها . وفيه جري القرآن على سننه من تعقيب الترهيب والترغيب .

فأما الجملتان اللتان في سورة عبس فلم يتقدمهما إبهام لأنهما متصلتان معاً بالظرف وهو { فإذا جاءت الصاخة } [ عبس : 33 ] .

وقد علم من سياق توجيه الخطاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن الوجوه الأولى وجوه المكذبين بالرسول ، والوجوه المذكورة بعدها وجوه المؤمنين المصدقين بما جاء به .

والقول في تنكير { وجوه } ، والمراد بها ، والإِخبار عنها بما بعدها ، كالقول في الآيات التي سبقتها .

و { ناعمة } : خبر عن { وجوه } . يجوز أن يكون مشتقاً من نُعم بضم العين ينعُمُ بضمها الذي مصدره نعومة وهي اللين وبهجة المرأى وحسن المنظر .

ويجوز أن يكون مشتقاً من نَعِم بكسر العين ينعَم مثل حَذِرَ ، إذا كان ذا نعمة ، أي حسن العيش والترف .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ نَّاعِمَةٞ} (8)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم ذكر أولياءه من أهل طاعته ، فقال : { وجوه يومئذ ناعمة } يعني فرحة شبه الله عز وجل وجوههم بوجوه قوم فرحين ، إذا أصابوا الشراب طابت أنفسهم ، فاجتمع الدم في وجوههم ، فاجتمع فرح القلوب وفرح الشراب ، فهو ضاحك الوجه مبتسم طيب النفس ، ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

[{ وجوه يومئذ }]: يوم القيامة "ناعِمَةٌ" يقول : هي ناعمة بتنعيم الله أهلها في جناته ، وهم أهل الإيمان بالله .

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ناعمة بما عاينت من عاقبة عملها الصالح في الدنيا ، ورضيت بما أوتيت جزاء عن سعيها في الدنيا ، جعل الله تعالى في وجوه الخلق يوم القيامة آثار صنائعهم في الدنيا . فمن أطاعه جعل علم طاعته في وجهه يوم القيامة ، ومن عصاه جعل أثره في وجهه ، يعرف به . ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

ذات بهجة وحسن ، كقوله : { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم } [ المطففين : 24 ] ، أو متنعمة . ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما ذكر الأعداء وقدمهم لما تقدم ، أتبعه الأولياء فقال مستأنفاً ذكر ما لهم من ضد ما ذكر للأعداء : { وجوه يومئذ } أي إذ كان ما ذكر { ناعمة } أي ذات بهجة وسرور تظهر عليها النعمة والنضرة والراحة والرفاهية بضد تلك الناصبة ، لأن هؤلاء أتبعوا أنفسهم في دار العمل الدنيا وصبروا على التقشف وشظف العيش ...

أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :

ويومئذٍ : هو يوم الغاشية المتقدم ، وهذا يقتضي أن الغاشية عامة في الفريقين . وإن اختلفت أحوالها مع مختلف الناس ، وعليه فمنهم من تغشاه بهولها ، ومنهم من تغشاه بنعيمها . وهي بالنسبة لكل منهما متناهية فيما تغشاهم به ، وهي صادقة على الفريقين . ومعلوم أن الغاشية تطلق على الخير كما تطلق على الشر ، بمعنى الشمول والإحاطة التامة . ومن إطلاقها على الخير ما جاء في الحديث : " ما جلس قوم مجلساً يذكرون الله تعالى فيه إلاَّ حفَّتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ، وذكرهم الله فيمن عنده " أخرجه مسلم .... وفي حق القسم المقابل تعميم كامل وسرور شامل كالآتي ، وجوه ناعمة مكتملة النعمة ، تعرف في وجوههم نضرة النعيم . وهذا في شموله من الناحية المعنوية كمقابلة في القسم الأول بدلاً من خاشعة في ذلة ناعمة في نضرة لسعيها راضية الذي سعته في الدنيا ، والذي تسعى لتحصيله أو ثوابه في جنة عالية بدلاً من عمل ونصب . ...