أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ يَـٰٓأَبَتِ لِمَ تَعۡبُدُ مَا لَا يَسۡمَعُ وَلَا يُبۡصِرُ وَلَا يُغۡنِي عَنكَ شَيۡـٔٗا} (42)

{ إذ قال } بدل من { إبراهيم } وما بينهما اعتراض ، أو متعلق ب { كان } أو ب { صديقا نبيا } . { لأبيه يا أبت } التاء معوضة من ياء الإضافة ولذلك لا يقال يا أبتي ويقال يا أبتا ، وإنما تذكر للاستعطاف ولذلك كررها . لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر فيعرف حالك ويسمع ذكرك ويرى خضوعك { ولا يغني عنك شيئا } في جلب نفع أو دفع ضر ، دعاه إلى الهدى وبين ضلاله واحتج عليه أبلغ احتجاج وأرشقه برفق وحسن أدب ، حيث لم يصرح بضلاله بل طلب العلة التي تدعوه إلى عبادة ما يستخف به العقل الصريح ويأبى الركون إليه ، فضلا عن عبادته التي هي غاية التعظيم ، ولا تحق إلا لمن له الاستغناء التام والإنعام العام وهو الخالق الرازق المحي المميت المعاقب المثيب ، ونبه على أن العاقل ينبغي أن يفعل ما يفعل لغرض صحيح ، والشيء لو كان حيا مميزا سميعا بصيرا مقتدرا على النفع والضر ولكن كان ممكنا لاستنكف العقل القويم عن عبادته وإن كان أشرف الخلق كالملائكة والنبيين لما يراه مثله في الحاجة والانقياد للقدرة الواجبة ، فكيف إذا كان جمادا لا يسمع ولا يبصر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ يَـٰٓأَبَتِ لِمَ تَعۡبُدُ مَا لَا يَسۡمَعُ وَلَا يُبۡصِرُ وَلَا يُغۡنِي عَنكَ شَيۡـٔٗا} (42)

وقوله { يا أبت } ، اختلف النحاة في التاء من { أبت } ، فمذهب سيبويه أنها عوض عن ياء الإضافة والوقوف عنده عليها بالهاء ، ومذهب الفراء أن يوقف عليها بالتاء ، لان الياء التي للإضافة عنده منوية وجمهور القراء على كسر التاء ، وفي مصحف ابن مسعود «واأبت » بواو للنداء ، وقرأ ابن عامر والأعرج وأبو جعفر . «يا أبتَ » بفتح التاء ، ووجهها أنه{[7968]} أراد «يا أبتا » فحذف الألف وترك الفتحة دالة عليها ، ووجه آخر أن تكون التاء المقحمة كالتي في قوله يا طلحة وفي هذا نظر وقد لحن هارون هذه القراءة ، والذي { لا يسمع ولا يبصر } ، هو الصنم ولو سمع وأبصر كما هي حالة الملائكة وغيرهم ممن عبد لم يحسن عبادتها ، لكن بين إبراهيم عليه السلام بنفي السمع والبصر شنعة الرأي في عبادتها وفساده .


[7968]:يريد: وجهها أن القارىء أراد.... الخ.