فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ يَـٰٓأَبَتِ لِمَ تَعۡبُدُ مَا لَا يَسۡمَعُ وَلَا يُبۡصِرُ وَلَا يُغۡنِي عَنكَ شَيۡـٔٗا} (42)

{ إذ قال لأبيه } بدل اشتمال من إبراهيم وتعليق الذكر بالوقت مع أن المقصود تذكير ما وقع فيه له من الحوادث للمبالغة ، وأبو إبراهيم هو آزر على ما تقدم تقريره { يا أبت } التاء عوض عن الياء ولهذا لا يجتمعان { لم تعبد } الاستفهام للاستنكار والتوبيخ أي لأي شيء ولأي سبب تعبد { ما لا يسمع } ما تقوله من الثناء عليه ، والدعاء له { ولا يبصر } ما تفعله من عبادته ؛ ومن الأفعال التي تفعلها مريدا بها التواب ، ويجوز أن يحمل نفي السمع والإبصار على ما هو أعم من ذلك أي لا يسمع شيئا من المسموعات ولا يبصر شيئا من المبصرات .

{ ولا يغني عنك شيئا } من الأشياء فلا يجلب لك نفعا ؛ ولا يدفع عنك ضررا ، وهي الأصنام التي كان يعبدها آزر ، أورد إبراهيم عليه السلام على أبيه الدلائل والنصائح وصدر كلا منها بالنداء المتضمن للرفق واللين استمالة لقلبه ، وامتثالا لأمر ربه ، ووصف الأصنام بثلاثة أشياء كل واحد منها قادح في الإلهية ، ورتب هذا الكلام على غاية الحسن ، ثم كرر دعوته إلى الحق فقال :