غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ يَـٰٓأَبَتِ لِمَ تَعۡبُدُ مَا لَا يَسۡمَعُ وَلَا يُبۡصِرُ وَلَا يُغۡنِي عَنكَ شَيۡـٔٗا} (42)

41

والتاء في { يا أبت } عوض من ياء الإضافة وقد مر في أول سورة يوسف . أورد على أبيه الدلائل والنصائح وصدر كلاً منها بالنداء المتضمن للرفق واللين استمالة لقلب أبيه وامتثالاً لأمر ربه على ما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أوحى الله إلى إبراهيم إنك خليلي حسن خلقك ولو مع الكفار تدخل مداخل الأبرار فإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أن أظله تحت عرشي وأسكنه حظيرة القدس وأدنيه من جواري " فقوله : { لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر " منسيّ المفعول لا منويه فإن الغرض نفي الفعلين على الإطلاق دون التقييد . و " ما " موصولة أو موصوفة أي الذي لا يسمع أو معبوداً لا يسمع و { شيئاً } مفعول به من قوله : " أغن عني وجهك " أي ادفعه . ويجوز أن يكون بمعنى المصدر أي شيئاً من الإغناء ، وعلى هذا يجوز أن يقدر نحوه مع الفعلين السابقين أي لا يسمع شيئاً من السماع إلى آخره . وحاصل الدليل أن العبادة غاية الخضوع فلا يستحقها إلا أشرف الموجودات لا أخسها وهو الجماد غاية عذرهم عن تلك هي أنها تماثيل أشياء يتصوّر نفعها أو ضرها كالكواكب وغيرها فيقال لهم : أليس الكواكب وسائر الممكنات تنتهي في الاحتياج إلى واجب الوجود ؟ فإذا جعل شيء من هذه الأشياء معبوداً فقد شورك الممكن والواجب في نهاية التعظيم وهذا مما ينبو عنه الطبع السليم ، ورفع الوسائط من البين أدخل في الإخلاص وأقرب إلى الخلاص .

/خ65