نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرۡيَةٖ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَقِيمٍ} (55)

{ ولا يزال الذين كفروا } أي وجد منهم الكفر وطبعوا عليه { في مرية } أي شك يطلبون السكون إليه { منه } أي من أجل إلقاء الشيطان وما ألقاه ، أو مبتدىء منه { حتى تأتيهم الساعة } أي الموت أو القيامة { بغتة } أي فجأة بموتهم حتف الأنف { أو يأتيهم عذاب يوم عقيم* } يقتل فيه جميع أبنائه منهم ولا يكون لهم فيه شيء مما يترجونه من نصر أو غيره كما سعوا بجدلهم وإلقاء الضلالات في إعقام الآيات ، فإذا انكشف لهم الغطاء بالساعة أو العذاب الموصل إلى حد الغرغرة آمنوا دأب البهائم التي لا ترى إلا الجزئيات ، فلم ينفعهم ذلك لفوات شرطه ، وقد زالت بحمد الله عن هذه الآية - بما قررته الشكوك ، وانفضحت مخيلات الشبه ، وانقمعت مضلات الفتن ، من قصة الغرانيق وما شاكلها مما يتعالى عنه ذلك الجناب الرفيع ، والحمى العظيم المنيع ، ولم يصح شيء من ذلك كما صرح به الحافظ عماد الدين ابن كثير وغيره كيف وقد منع الشيطان من مثاله صلى الله عليه وسلم في المنام ، كما قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه

" من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي " وقد تولى الله سبحانه حفظ الذكر الحكيم بحراسة السماوات وغيرها { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }

{ إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم }[ الجن : 27 ] .