نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّهُۥ كَانَ فَرِيقٞ مِّنۡ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّـٰحِمِينَ} (109)

ولما كانت الشماتة أسر السرور للشامت وأخزى الخزي للمشموت به ، علل ذلك بقوله : { إنه كان } أي كوناً ثابتاً { فريق } أي ناس استضعفتموهم فهان عليكم فراقهم لكم وفراقكم لهم وظننتم أنكم تفرقون شملهم { من عبادي } أي الذين هم أهل للإضافة إلى جنابي لخلوصهم عن الأهواء { يقولون } مع الاستمرار : { ربنا } أيها المحسن إلينا بالخلق والرزق { آمنا } أي أوقعنا الإيمان بجميع ما جاءتنا به الرسل لوجوب ذلك علينا لأمرك لنا به .

ولما كان عظم المقام موجباً لتقصير العابد ، وكان الاعتراف بالتقصير جابراً له قالوا : { فاغفر لنا } أي استر بسبب إيماننا عيوبنا التي كان تقصيرنا بها { وارحمنا } أي افعل بنا فعل الراحم من الخير الذي هو على صورة الحنو والشفقة والعطف .

ولما كان التقدير : فأنت خير الغافرين ، فإنك إذا سترت ذنباً أنسيته لكل أحد حتى للحفظة ، عطف عليه قوله : { وأنت خير الراحمين* } لأنك تخلص مَنْ رحمته من كل شقاء وهوان ، بإخلاص الإيمان ، والخلاص من كل كفران .