نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ} (194)

{ على قلبك } أي يا محمداً الذي هو أشرف القلوب وأعلاها ، وأضبطها وأوعاها ، فلا زيغ فيه ولا عوج ، حتى صار خلقاً له ، وفي إسقاط الواسطة إشارة إلى أنه - لشدة إلقائه السمع وإحضاره الحس - يصير في تمكنه منه بحيث يحفظه فلا ينسى ، ويفهمه حق فهمه فلا يخفى ، فدخوله إلى القلب في غاية السهولة حتى كأنه وصل إليه بغير واسطة السمع عكس ما يأتي عن المجرمين ، وهكذا كل من وعى شيئاً غاية الوعي حفظه كل الحفظ ، انظر إلى قوله تعالى{ ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علماً }[ طه : 114 ] { لا تحرك به لسانك لتعجل به }[ القيامة : 16 ] .

ولما كان السياق في هذه السورة للتحذير ، قال معللاً للجملة التي قبله : { لتكون من المنذرين* } أي المخوفين المحذرين لمن أعرض عن الإيمان ، وفعل ما نهى عنه من العصيان .