نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{سَلَٰمٌ عَلَىٰٓ إِلۡ يَاسِينَ} (130)

ولما كان السلام اسماً جامعاً لكل خير لأنه إظهار الشرف والإقبال على المسلم عليه بكل ما يريد ، أنتج ذلك قوله : { سلام } ولما كان في اسمه على حسب تخفيف العرب له لغات إحداهما توافق الفواصل ، فكان لا فرق في تأدية المعنى بين الإتيان بما اتفق منها ، وكان ما كثرت حروفه منها أضخم وأجل وأفخم ، وكان السياق بعد كثير من مناقبه لنهاية المدحة ، كان الأحسن التعبير بما هو أكثر حروفاً وهو موافق للفواصل ليفيد ذلك تمكينه في الفضائل ولتحقق أنه اسم أعجمي لا عربي مشتق من الياس وإن أوهمت ذلك قراءة ابن عامر بوصل همزته فقال : { على آل ياسين * } ومن قرأ آل يس فيجوز أن يكون المراد في قراءته ما أريد من القراءة الأخرى لأن أهل اللغة قالوا : أن الآل هو الشخص نفسه ، ويس إما لغة في إلياس أو اختصرت اللغة الثانية التي هي إلياسين فحذف منها الهمزة المكسورة مع اللام ، ويجوز أن يكون المراد بآله أتباعه ، ويكون ذلك أضخم في حقه لما تقدم مما يدعو إليه السياق ، ويجوز أن يقصد بهذه القراءة جميع الأنبياء المذكورين في هذه السورة الذين هو أحدهم ، أي على الأنبياء المذكورين عقب سورة يس دلالة على ما دعت إليه معانيها من الوحدانية والرسالة والبعث وإذلال العاصي وإعزاز الطائع المجرد لنفسه في حب مولاه عن جميع العوائق ، القاطع للطيران إليه أقوى العلائق ، وخص بهذا هذه القصة لأنها ختام القصص المسلم فيها على أهلها .