الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{سَلَٰمٌ عَلَىٰٓ إِلۡ يَاسِينَ} (130)

قوله : { عَلَى إِلْ يَاسِينَ } : قرأ نافعٌ وابن عامر { عَلَى آلِ يَاسِينَ } بإضافةِ " آل " بمعنى أهل إلى " ياسينَ " . والباقون بكسرِ الهمزةِ وسكونِ اللامِ موصولةً ب " ياسين " كأنه جَمَعَ " إلياس " جَمْعَ سلامةٍ . فأمَّا الأُوْلى : فإنَّه أراد بالآل إلياسَ وَلَدَ ياسين كما تقدَّم وأصحابَه . وقيل : المرادُ بياسين هذا إلياسُ المتقدمُ ، فيكونُ له اسمان . وآلُه : رَهْطُه وقومُه المؤمنون . وقيل : المرادُ بياسينَ محمدُ بن عبد الله صلَّى الله عليه وسلَّم .

وأمَّا القراءةُ الثانيةُ فقيل : هي جمعُ إلياس المتقدمِ . وجُمِعَ باعتبارِ أصحابِه كالمَهالبةِ والأَشاعثةِ في المُهَلَّبِ وبنيه ، والأَشعثِ وقومِه ، وهو في الأصلِ جمعُ المنسوبين إلى إلياس ، والأصلُ إلياسيّ كأشعَريّ . ثم اسْتُثْقِل تضعيفُهما فحُذِفَتْ إحدى ياءَي النسَب/ فلمَّا جُمِعَ سَلامةٍ التقى ساكنان : إحدى الياءَيْن وياءُ الجمعِ ، فحُذِفَتْ أولاهما لالتقاءِ السَّاكنين ، فصار إلياسين كما ترى . ومثلُه : الأَشْعَرُون والخُبَيْبُون . قال :

3820 قَدْنِيَ مِنْ نَصْرِ الخُبَيْبَيْنِ قَدِيْ ***

وقد تقدَّم طَرَفٌ من هذا آخر الشعراء عند " الأَعْجَمِيْن " . إلاَّ أنَّ الزمخشريَّ قد رَدَّ هذا : بأنَّه لو كان على ما ذُكِر لَوَجَب تعريفُه بأل فكان يُقال : على الإِلياسين . قلت : لأنه متى جُمِعَ العَلَمُ جَمْعَ سَلامةٍ أو ثُنِّي لَزِمَتْه الألفُ واللامُ ؛ لأنه تَزُوْلُ عَلَميَّتُه فيقال : الزيدان ، الزيدون ، الزينبات ولا يُلْتَفَتُ إلى قولهم : جُمادَيان وعَمايتان عَلَمَيْ شهرَيْن وجبلَيْن لندورِهما .

وقرأ الحسن وأبو رجاء " على إلياسينَ " بوصلِ الهمزةِ على أنه جَمْعُ إلياس وقومِه المنسوبين إليه بالطريق المذكورة . وهذه واضحةٌ لوجودِ أل المعرفةِ فيه كالزيدِيْن . وقرأ عبد الله " على إدْراسين " لأنَّه قرأ في الأول " وإنَّ إدْريَس " . وقرأ أُبَيٌّ " على إيليسِيْنَ " لأنه قرأ في الأول " وإنَّ إيليسَ " كما حَرَّرْتُه عنه . وهاتان تَدُلاَّن على أن إلياسينَ جَمْعُ إلياس .