ولما علم بهذا أنه البين في نفسه المنادي بما فيه من القباحة بأنه لا خسران غيره ، فصله بقوله على طريق التهكم بهم : { لهم } فإن عادة اللام عند مصاحبة المجرور ولا سيما الضمير إفهام المحبوب للضمير لا سيما مع ذكر الظلل ، وأشار إلى قربها منهم بإثبات الجار فقال : { من فوقهم ظلل } ولما أوهمهم ذلك الراحة ، أزال ذلك بقوله : { من النار } وذلك أنكأ مما لو أفهمهم الشر من أول الأمر . ولما كان في القرار - كائناً ما كان على أي حال كان نوع من الراحة بالسكون ، بين أنهم معلقون في غمرات الاضطراب ، يصعدهم اللهيب تارة ، ويهبطهم انعكاسه عليهم برجوعه إليهم أخرى ، فلا قرار لهم أصلاً كما يكون الحب في الماء على النار ، يغلي به صاعداً وسافلاً ، لا يقر في أسفل القدر أصلاً لقوله : { ومن تحتهم } .
ولما كان كون الظلة المأخوذة من الظل من تحت في غاية الغرابة ، أعادها ولم يكتف بالأولى ، ولم يعد ذكر النار لفهمها في التحت من باب الأولى فقال : { ظلل } ومما يدل على ما فهمته من عدم القرار ما رواه البخاري في صحيحه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه فقال : " من رأى منكم الليلة رؤيا ، فسألنا يوماً قلنا : لا ، قال : لكني رأيت رجلين أتياني فأخذا بيدي وأخرجاني إلى الأرض المقدسة " - فذكره بطوله حتى قال : " فانطلقنا إلى نقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع ، توقد تحته نار ، فإذا فيه رجال ونساء عراة فيأتيهم اللهيب من تحتهم فإذا اقترب ارتفعوا حتى كادوا يخرجون فإذا خمدت رجعوا " فذكره وهو طويل عظيم ، ثم فسرهم بالزناة .
ولما كان هذا أمراً مهولاً ، وهم لا يرهبونه ولا يرجعون عن غيّهم به ، ذكر فائدته مع الزيادة في تعظيمه فقال : { ذلك } أي الأمر العظيم الشأن { يخوف الله } أي الملك الأعظم الذي صفاته الجبروت والكبر { به عباده } أي الذين لهم أهلية الإقبال عليه ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم فيعيذهم منه . ولما أهلهم للإضافة إليه وخوفهم سطواته ، أقبل عليهم عند تهيئتهم للاستماع منبهاً على أنه تخويف استعطاف فقال : { يا عباد فاتقون * } أي سببوا عن ذلك أن تجعلوا بينكم وبين ما يسخطني وقاية مما يرضيني لأرضى عنكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.