نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ} (31)

ولما كان من يعاقب بما دون الموت ربما ظن أنه عاجز قال : { وما أنتم بمعجزين } لوأريد محقكم بالكلية ولا في شيء أراد سبحانه منكم كائناً ما كان . ولما كان من ثبتت قدرته على محل العلو بخلقه وما أودعه من المصنوعات أجدر بالقدرة على ما دونه ، أشار إلى ذلك بقوله : { في الأرض } ولما كان الكلام في العقوبة في الدنيا قبل الموت ، ولم يكن أحد يدعي فيها التوصل إلى السماء ، لم يدع داع إلى ذكرها بخلاف ما مضى في العنكبوت . ولما نفى امتناعهم بأنفسهم ، وكان له سبحانه من العلو ما تقصر عنه العقول ، فكان كل شيء دونه ، فكان قادراً على كل شيء قال : { وما لكم } أي عند الاجتماع فكيف عند الانفراد .

ولما كانت الرتب في غاية السفول عن رتبته والتضاؤل دون حضرته ، أثبت الجار منبهاً على ذلك فقال : { من دون الله } أي المحيط بكل شيء عظمة وكبراً وعزة ، وعم بقوله : { من ولي } أي يكون متولياً لشيء من أموركم بالاستقلال { ولا نصير * } يدفع عنكم شيئاً يريده سبحانه بكم .