نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فِيهَا سُرُرٞ مَّرۡفُوعَةٞ} (13)

ولما لم يبق بعد الأكل والشرب إلا الاتكاء ، قال مفهماً أنهم ملوك : { فيها } معيداً الخبر قطعاً للكلام عن الأول تنبيهاً على شرف العين لأن الماء مما لا حياة بدونه { سرر } أي زائدة الحد في الكثرة ، جمع سرير وهو مقعد عال يجلس عليه الملك ينقل إلى الموضع الذي يشتهيه ، سمي بذلك لأنه يسر النفس ، والمادة كلها للسرور والطيب والكرم ، ولذلك يطلق على الملك والنعمة وخفض العيش { مرفوعة * } أي رفعها رافع عظيم في السمك وهو جهة العلو ليرى الجالس عليها جميع ملكه وما نعم به وما شاء الله من غيره وفي القدر ، لا كما تعهدونه في الدنيا ، بل ارتفاعها نمط جليل من مقدار عظمة رافعها الذي رفع السماء ، فالتنكير للتعظيم ، وبنى الاسم للمفعول للدلالة على أنه ليس له من ذاتها إلا الانخفاض ، وأما ارتفاعها فبقسر القادر على كل شيء ، وهذا يدل على أنها كسماء لا عمد لها ، قال البغوي : قال ابن عباس رضي الله عنهما : ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت مرتفعة ما لم يجىء أهلها ، فإذا أراد أن يجلس عليها تواضعت له حتى يجلس عليها - ثم ترتفع إلى مواضعها - انتهى . وذلك بما كانوا يتواضعون ويباشرون من مشاق العبادات على التراب ورث الأثواب .