الرَّحْمَنُ { 1 } عَلَّمَ الْقُرْآنَ [ 1 ] { 2 } خَلَقَ الْإِنسَانَ { 3 } عَلَّمَهُ الْبَيَانَ [ 2 ] { 4 }
في الآيات بيان لبعض نواحي عناية الله تعالى بالإنسان : فقد خلقه ممتازاً عن سائر الأحياء واختصّه بالنطق والبيان ويسّر له فهم القرآن .
وأسلوب الآيات تقريري عام موجه إلى الناس جميعا كما هو المتبادر . وقد قال المفسرون : إن اسم الرحمن هنا هو بسبيل توكيد كونه هو اسم الله تعالى وبسبيل الردّ على الكفار الذين كانوا ينكرون تسمية الله به ويتساءلون عن ذلك تساؤل المنكر المستغرب . والتعليل وجيه . وقد أشرنا إلى شيء مما كان حول اسم الرحمن في سورتي الفرقان والرعد وعلّقنا على ذلك بما يغني عن التكرار . ولعلّ بدء هذه بهذا الاسم ونسبة مشاهد الكون إليه قرينة على وجاهة هذا التعليل ووجاهة ما قيل في صدد التنديد بالكفّار لكفرهم بالرحمن على ما حكته سورتا الفرقان والرعد . ولقد ذكرت روايات ترتيب السور أن هذه السورة نزلت بعد سورة الرعد {[2104]} . ولعل مطلعها قرينة على صحة الرواية .
ولقد روى البغوي عن ابن عباس أن { الْإِنسَانَ } في الجملة تعني آدم وأن جملة { عَلَّمَهُ الْبَيَانَ } تعني تعليم آدم الأسماء كلها مفضلا إيّاه على الملائكة على ما جاء في آيات سورة البقرة هذه : { وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ { 31 } قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ { 32 } } كما روى عن ابن كيسان أن { الْإِنسَانَ } تعني محمدا . وروى فيما رواه في سياق هذا القول أن الله علّم آدم اللغات جميعها حتى إنه كان يتكلّم بسبعمائة ألف لغة أفضلها العربية ! وإلى هذا فقد روى روايات أخرى منها أن { الْإِنسَانَ } تعني محمد صلى الله عليه وسلم و { عَلَّمَهُ الْبَيَانَ } تعني القرآن . ومنها أن { الْإِنسَانَ } تعني الجنس البشري و{ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ } تعني علّمهم النطق والكتابة والفهم والإفهام . وقد روى الطبري بعض ما رواه البغوي ثم قال : إن كون الإنسان هو الجنس الإنساني وأن معنى { عَلَّمَهُ الْبَيَانَ } هو تعليمه الكلام والحلال والحرام وأمور الدنيا والآخرة هو الصواب . وهذا القول مع القول الأخير الذي يرويه البغوي هما الأكثر اتساقا مع روح الجملتين وعموم الخطاب فيهما . ويصحّ أن يضاف إليهما أن الجملتين هما بسبيل التنبيه إلى نعمة الله العظمى على الجنس البشري باختصاصه بميزة الكلام والبيان وتكامل الصقل وتيسيره له فَهْمَ ما أنزله الله . وبكلمة ثانية فتحه له آفاق العلم والمعرفة والارتفاع به إلى ذرى الكمال . وقد ينطوي فيهما دعوة للجنس البشري إلى تقدير نعمة الله عليه وشكره واستعمالها فيما فيه الخير والحق والصلاح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.