فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ} (3)

ثم امتنّ بعد هذه النعمة بنعمة الخلق التي هي مناط كل الأمور ، ومرجع جميع الأشياء ، فقال : { خَلَقَ الإنسان } ثم امتنّ ثالثاً بتعليمه البيان الذي يكون به التفاهم ، ويدور عليه التخاطب ، وتتوقف عليه مصالح المعاش والمعاد ، لأنه لا يمكن إبراز ما في الضمائر ولا إظهار ما يدور في الخلد إلاّ به ، قال قتادة والحسن : المراد بالإنسان آدم ، والمراد بالبيان : أسماء كلّ شيء ، وقيل : المراد به : اللغات . وقال ابن كيسان : المراد بالإنسان هاهنا : محمد صلى الله عليه وسلم ، وبالبيان : بيان الحلال من الحرام ، والهدى من الضلال ، وهو بعيد . وقال الضحاك : البيان : الخير والشرّ . وقال الربيع بن أنس : هو ما ينفعه مما يضرّه . وقيل : البيان : الكتابة بالقلم . والأولى حمل الإنسان على الجنس ، وحمل البيان على تعليم كلّ قوم لسانهم الذي يتكلمون به .