تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ} (3)

الآيتان 3 و 4 وقوله تعالى : { خلق الإنسان } { علمه البيان } قال بعضهم : { خلق الإنسان } أي آدم عليه السلام و{ علمه البيان } أي الأسماء التي ذكر في آية أخرى { وعلم آدم الأسماء كلها } [ البقرة : 31 ] إذ لا سبيل إلى معرفة الأسماء إلا بالتلقين ، ليست كالأشياء التي تعرف ، وتدرك بالاستدلال .

ويحتمل أن يكون المراد بقوله تعالى : { خلق الإنسان } أي خلق كل إنسان ، و { علمه البيان } أي علمه بيان ما يمتحنهم به من الأمر والنهي ليعلم أنه لم يخلق الإنسان ليتركه سدى .

ويحتمل علم كل إنسان ما غاب عنهم حتى عرفوا بما شاهدوا من اللون والطعم واللذة / 541 –ب / علم ما غاب عنهم من جنسه ولونه ولذته استدلالا بما شاهدوا . ويحتمل الاستدلال بالشاهد على معرفة الله تعالى ؟ ، وهو أنهم لما شاهدوا الإنسان {[20240]}محتاجا عاجزا محاطا بالحوائج والحوادث ، عرفوا أن له خالقا قادرا أنشأه كذلك . ويحتمل ما ذكر من تعليم البيان بيان القرآن ، وذلك راجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { علّم القرآن } و{ علّمه البيان } بيان القرآن{[20241]} حتى يبين للناس كل ما يحتاجون إليه وما لهم وما عليهم .

وجائز أن يصرف بعضه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى : { الرحمان } { علم القرآن } وبعضه إلى آدم عليه السلام وهو قوله : { خلق الإنسان } آدم و { علمه البيان } بيان الدنيا والآخرة . وجائز أن يكون خلق الإنسان كل إنسان { علم القرآن } و { علمه البيان } أي علمه شيئا من بيان القرآن من الأحكام والشرائع ونحو ذلك وقال القتبي : { علمه البيان } أي الكلام ، والله أعلم .


[20240]:في الأصل وم: الأشياء.
[20241]:أدرج قبلها في الأصل وم: هو.