معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَدَانِيَةً عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا} (14)

وقوله جل ذكره : { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُها } .

يكون نصباً على ذلك : جزاؤهم جنة متكئين فيها ، ودانيةً ظلالها . وإن شئت جعلت : الدانية تابعة للمتكئين على سبيل القطع الذي قد يكون رفعاً على [ 118/ب ] الاستئناف . فيجوز مثل قوله : { وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً } «وشيخٌ » ، وهي في قراءة أبي : «ودانٍ عليهم ظلالها » فهذا مستأنف في موضع رفع ، وفي قراءة عبد الله : «ودانياً عليهم ظلالها » ، وتذكير الداني وتأنيثه كقوله : { خَاشِعاً أبْصَارُهم } في موضع ، وفي موضع { خاشعةً أبصارهم } . وقد تكون الدانيةُ منصوبة على مثل قول العرب : عند فلان جاريةٌ جميلةٌ ، وشابةً بعد طريةً ، يعترضون بالمدح اعتراضاً ، فلا ينوون به النسق على ما قبله ، وكأنهم يضمرون مع هذه الواو فعلا تكون به النصب في إحدى القراءتين : «وحوراً عينا » . أنشدني بعضهم :

ويأوي إلى نسوة عاطلاتٍ *** وشُعثا مراضيعَ مثل السعالِي

بالنصب يعني : وشعثا ، والخفض أكثر .

وقوله عز وجل : { وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً } .

يجتني أهل الجنة الثمرة قياما وقعوداً ، وعلى كل حال لا كلفة فيها .