معاني القرآن للفراء - الفراء  
{ٱلۡأَعۡرَابُ أَشَدُّ كُفۡرٗا وَنِفَاقٗا وَأَجۡدَرُ أَلَّا يَعۡلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (97)

وقوله : { الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً }

نزلت في طائفة من أعراب أَسَد وغَطَفان وحاضرى المدينة . و( أجدر ) كقولك : أحرى ، وأخلق .

{ وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ } موضع ( أن ) نصب . وكل موضع دخلت فيه ( أن ) والكلام الذي قبلها مكتفٍ بما خَفَضه أو رفعه أو نصبه ف ( أن ) في موضع نصب ؛ كقولك : أتيتك أنّك محسن ، وقمت أنك مسيء ، وثَبَتُّ عنك أنك صديق وصاحب . وقد تبين لك أن ( أن ) في موضع نصب ؛ لأنك تضع في موضع ( أن ) المصدر فيكون نصبا ؛ ألا ترى أنك تقول : أتيتك إحسانَك ، فدلّ الإحسان بنصبه على نصب أن . وكذلك والآخران .

وأما قوله : { وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ } فإن وضعك المصدر في موضع ( أن ) قبيح ؛ لأن أخلق وأجدر يطلبن الاستقبال من الأفاعيل فكانت ب ( أن ) تبين المستقبل ، وإذا وضعت مكان ( أن ) مصدرا لم يتبّين استقباله ، فذلك قبح . و( أن ) في موضع نصب على كل حال ؛ ألا ترى أنك تقول : أظن أنك قائم فتقضى على ( أن ) بالنصب ، ولا يصلح أن تقول : أظن قيامك ، فأظن نظير لخليق ولعسى ( وجدير ) وأجدر وما يتصرف منهن في ( أن ) .