غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱلۡأَعۡرَابُ أَشَدُّ كُفۡرٗا وَنِفَاقٗا وَأَجۡدَرُ أَلَّا يَعۡلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (97)

90

ثم عدد مثالب الأعراب وأراد بهم جمعاً معينين كانوا يوالون منافقي المدينة . قال أهل اللغة : رجل عربي إذا كان نسبه إلى العرب ثابتاً ، ورجل أعرابي إذا كان بدوياً سواء كان من العرب أو من مواليهم وجمعه أعراب كالمجوسي والمجوس واليهودي واليهود . فالأعرابي إذا قيل له يا أعرابي فرح ، وإذا قيل للعربي يا أعرابي غضب ، وذلك أن من استوطن القرى العربية فهو عربي ومن نزل البادية فهو أعرابي ولهذا لا يجوز أن يقال للمهاجرين والأنصار أعراب وإنما هم عرب . قال صلى الله عليه وسلم : «لا تؤمنّ امرأة رجلاً ولا فاسق مؤمناً ولا أعرابي مهاجراً » قيل : إنما سمى العرب عرباً لأن أولاد إسماعيل عليه السلام نشؤوا بالعربة وهي من تهامة ونسبوا إلى بلدهم ، وكل من يسكن جزيرة العرب وينطق بلسانهم فهو منهم . وقيل : لأن ألسنتهم معربة عما في ضمائرهم لما في لسانهم من الفصاحة والبلاغة ، يحكى عن بعض الحكماء أنه قال : حكمة الروم في أدمغتهم وذلك لأنهم يقدرون على التركيبات العجيبة ، وحكمة الهند في أوهامهم ، وحكمة اليونان في أفئدتهم وذلك لكثرة ما لهم من المباحث العقلية ، وحكمة العرب في ألسنتهم وذلك لحلاوة ألفاظهم وعذوبة عباراتهم . وإنما حكم على الأعراب بأنهم أشد كفراً ونفاقاً لأنهم يشبهون الوحوش . سئل بعض الحكماء ما بال أهل البادية لا يحتاجون إلى الطبيب ؟ فقال : كما لا يحتاج حمر الوحش إلى البياطرة ولاستيلاء الهواء الحار عليهم الموجب لكثرة الطيش والخروج عن الاعتدال ، وإن من أصبح وأمسى مشرفاً عليه أنوار النبوة ومشرفاً باستماع مواعظه وآدابه كيف يكون مساوياً لمن نشأ كما يشاء من غير سياسة سائس ولا تأديب مؤدب ؟ ! وإن شئت فقس الفواكه الجبلية بالفواكه البستانية ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : «إن الجفاء والقسوة في الفدّادين » أي الأكارين لأنهم يفدّون أي يصيحون . وقوله : { وأجدر } أي أولى وأحق { بأن لا يعلموا حدود ما أنزل الله } أي مقادير تكاليفه وأحكامه وما تنتهي إليه الأدلة العقلية والسمعية { والله عليم } بما في قلوب أهل البدو والحضر وأصحاب الوبر والمدر { حكيم } في كل ما قدر من الشرائع وما يتبعها من الجزاء .

/خ99