البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱلۡأَعۡرَابُ أَشَدُّ كُفۡرٗا وَنِفَاقٗا وَأَجۡدَرُ أَلَّا يَعۡلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (97)

{ الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألاَّ يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم } : نزلت في أعراب من أسد ، وتميم ، وغطفان .

ومن أعراب حاضري المدينة أي : أشد كفراً من أهل الحضر .

وإذا كان الكفر متعلقاً بالقلب فقط ، فالتقدير أشد أسباب كفر ، وإذا دخلت فيه أعمال الجوارح تحققت فيه الشدة .

وكانوا أشد كفراً ونفاقاً لتوحشهم واستيلاء الهواء الحار عليهم ، فيزيد في تيههم ونخوتهم وفخرهم وطيشهم وتربيتهم بلا سائس ولا مؤدب ولا ضابط ، فنشأوا كما شاؤا لبعدهم عن مشاهدة العلماء ومعرفة كتاب الله وسنة رسول الله ، ولبعدهم عن مهبط الوحي .

كانوا أطلق لساناً بالكفر والنفاق من منافقي المدينة ، إذ كان هؤلاء يستولي عليهم الخوف من المؤمنين ، فكان كفرهم سراً ولا يتظاهرون به إلا تعريضاً .

وأجدر أي : أحق أنْ لا يعلموا أي بأن لا يعلموا .

والحدود : هنا الفرائض .

وقيل : الوعيد عل مخالفة الرسول ، والتأخر عن الجهاد .

وقيل : مقادير التكاليف والأحكام .

وقال قتادة : أقل علماً بالسنن .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الجفاء والقسوة في الفدادين » والله عليم يعلم كل أحد من أهل الوبر والمدر ، حكيم فيما يصيب به مسيئهم ومحسنهم من ثواب وعقاب .