معاني القرآن للفراء - الفراء  
{أَوۡ إِطۡعَٰمٞ فِي يَوۡمٖ ذِي مَسۡغَبَةٖ} (14)

ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بشيئين ، فقال : { فَكّ رَقبةً ، أو أطعم في يومٍ ذي مسغبة } ، ثم كان [ من الذين آمنوا ] ففسرها بثلاثة أشياء ، فكأنه كان في أول الكلام ، فلا فعل ذا ولاذا ولاذا .

وقد قرأ العوام : { فَكُّ رَقَبةٍ أو إِطعامٌ } ، وقرأ الحسن البصري : «فَكَّ رقبةً» وكذلك على بن أبي طالب [ حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد ] قال : حدثنا الفراء قال : وحدثني محمد بن الفضل المروزي عن عطاء عن أبي عبد الرحمن عن علي أنه قرأها : «فَكَّ رقبةً أو أطعمَ» وهو أشبه الوجهين بصحيح العربية ؛ لأن الإطعام : اسم ، وينبغي أن يرد على الاسم اسم مثله ، فلو قيل : ثم إن كان أشكلُ للإِطعام ، والفك ، فاخترنا : فَكَّ رقبةً لقوله : «ثم كان» ، والوجه الآخر جائز تضمر فيه ( أَنْ ) ، وتلقى [ 138/ب ] فيكون مثل قول الشاعر :

ألا أيهاذا الزَّاجِري أحْضُرَ الْوغى *** وأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هل أنتَ مُخْلِدِي

ألأي ترى أن ظهور ( أن ) في آخر الكلام يدل : على أنها معطوفة على أخرى مثلها في أول الكلام وقد حذفها .

وقوله عز وجل : { أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ } .

ذي مجاعة ، ولو كانت «ذا مسغبة » تجعلها من صفة اليتيم ، كأنه قال : أو أطعم في يوم يتيما ذا مسغبة أو مسكينا [ حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد ] قال : حدثنا الفراء قال : وحدثني حِبَّان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : أنه مرّ بمسكين لاصق بالتراب حاجةً ، فقال : هذا الذي قال الله تبارك وتعالى : { أَوْ مِسْكِينا ذا مَتْرَبَةٍ } { والموصَدة } : تهمز ولا تهمز ، وهي : المطبقة .