الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِهِۦ هُم بِهِۦ يُؤۡمِنُونَ} (52)

قوله : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ } : مبتدأٌ ، و " هم " مبتدأ ثانٍ ، و " يؤْمِنون " خبرُه . والجملةُ خبرُ الأولِ و " به " متعلِّقٌ ب " يُؤْمِنون " . وقد يُعَكِّر على الزمخشريِّ وغيرِه مِنْ أهل البيانِ حيث قالوا : التقديمُ يُفيد الاختصاصَ وهنا لا يتأتَّى ذلك ، لأنهم لو خَصُّوا إيمانَهم بهذا الكتابِ فقط لَزِمَ كفرُهم بما عَداه ، وهو عكسُ المرادِ ، وقد أَبْدى أهلُ البيانِ هذا في قوله : { آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا } [ الملك : 29 ] فقالوا : لو قَدَّم " به " لأَوْهَمَ الاختصاصَ بالإِيمان بالله وحدَه دونَ ملائكتِه وكتبِه ورسلِه واليومِ الآخر ، وهذا بعينِه جارٍ هنا . والجوابُ : أنَّ الإِيمانَ بغيرهِ معلومٌ فانصَبَّ الغرضُ إلى الإِيمانِ بهذا .