الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِهِۦ هُم بِهِۦ يُؤۡمِنُونَ} (52)

ثم قال تعالى{[53915]} : { الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يومنون }[ 52 ] ، يعني من آمن بمحمد عليه السلام{[53916]} من أهل الكتاب .

قال قتادة{[53917]} : نزلت في ناس{[53918]} من أهل الكتاب ، كانوا على شريعة من الحق يأخذون بها{[53919]} وينتهون{[53920]} ، حتى بعث الله جل ثناؤه{[53921]} محمدا آمنوا به وصدقوه ، فأعطاهم الله أجرهم مرتين بصبرهم على الكتاب الأول ، واتباعهم محمدا صلى الله عليه وسلم{[53922]} ، وصبرهم على ذلك{[53923]} .

وقيل : أعطاهم الله أجرهم مرتين بإيمانهم ببعث{[53924]} محمد صلى الله عليه وسلم{[53925]} قبل بعثه ، وإيمانهم{[53926]} به بعد بعثه ، فبصبرهم{[53927]} على ذلك{[53928]} أعطوا أجرهم مرتين .

ويقال{[53929]} : إن منهم سلمان{[53930]} ، وعبد الله بن سلام{[53931]} .

قال الضحاك : هم ناس من أهل الكتاب آمنوا بالتوراة والإنجيل ، ثم أدركوا محمدا فآمنوا به ، فآتاهم الله أجرهم مرتين بإيمانهم بمحمد قبل أن يبعث ، وباتباعهم إياه حين بعث ، فذلك{[53932]} قوله عنهم : { إنا كنا من قبله مسلمين }{[53933]}[ 53 ] .

وقال الزهري{[53934]} : هم النجاشي وأصحابه وجه باثني{[53935]} عشر رجلا ، فجلسوا مع النبي عليه السلام{[53936]} ، وكان أبو جهل وأصحابه قريبا منهم{[53937]} ، فآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فلما قاموا من عنده ، تبعهم أبو جهل ومن تبعه فقالوا لهم{[53938]} : خيبكم الله من ركب ، وقبحكم من وفد ، لم تلبثوا أن صدقتموه ، وما رأينا ركبا{[53939]} أحمق ولا أسفل منكم ، فقالوا : سلام عليكم لم نأل أنفسنا رشدا { لنا أعمالنا ولكم أعمالكم }[ 55 ] .

وقوله{[53940]} : { إنا كنا من قبله مسلمين }[ 53 ] ، أي من قبل إتيان محمد لأنا{[53941]} وجدنا صفته في كتابنا فآمنا به ، ثم بعث فآمنا به . والهاء في " قبله " تعود على/ ، النبي عليه السلام{[53942]} ، أو على{[53943]} القرآن ، فالتقدير{[53944]} : وإذا يتلى{[53945]} عليهم القرآن قالوا : آمنا به إنه الحق من ربنا ، إنا كنا من قبل هذا القرآن-أي من{[53946]} قبل نزوله-مسلمين .

وقيل{[53947]} : نزلت في عشرين رجلا من النصارى ، قدموا على النبي عليه السلام{[53948]} وهو بمكة حين بلغهم خبره ، فوجدوه في المجلس ، فجلسوا إليه ، وكلموه وسألوه . ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة ، فلما فرغوا عن{[53949]} مسألتهم له فيما أرادوا ، دعاهم النبي عليه السلام{[53950]} إلى الإسلام ، وتلا عليهم القرآن ، فلما سمعوا القرآن ، فاضت أعينهم من الدمع ، ثم استجابوا لله وآمنوا ، وصدقوا ، وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره ، فلما قاموا عنه ، اعترضهم أبو جهل بن هشام في نفر من قريش ، فقالوا لهم : خيبكم الله من ركب بعثكم من وراءكم{[53951]} من أهل دينكم ، ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل ، فلم تطمئن مجالسكم عنده ، حتى فارقتم دينكم صدقتموه بما قال ، ما نعلم ركبا أحمق منكم ، فقالوا لهم{[53952]} : سلام عليكم لا نجاهلكم ، لنا ما نحن عليه ، ولكم ما أنتم عليه لم نأل{[53953]} أنفسنا خيرا .

وقيل{[53954]} : كانوا ثمانين رجلا ، منهم أربعون{[53955]} من نصارى نجران{[53956]} واثنان وثلاثون من نصارى الحبشة{[53957]} ، وثمانية من الروم{[53958]} ، وفيهم نزل من قوله : { الذين آتيناهم الكتاب }[ 52 ] ، إلى قوله : { لا نبتغي الجاهلين }[ 55 ] .


[53915]:"تعالى" سقطت من ز.
[53916]:ز: صلى الله عليه وسلم.
[53917]:انظر: القرطبي13/296، والدر20/422.
[53918]:ز: "بأس" وهو تحريف.
[53919]:ز: وينهون عنها وهو تحريف.
[53920]:بعدها في ابن جرير "إليها" انظر: 20/89.
[53921]:ز: عز وجل.
[53922]:ز: عليه السلام.
[53923]:انظر: ابن جرير20/89، وزاد المسير6/229.
[53924]:ز: ببعثهما.
[53925]:"محمد صلى الله عليه وسلم" سقطت من ز.
[53926]:ز: وإيمانهم.
[53927]:ز: فبصبرهم.
[53928]:عن الضحاك، انظر: ابن جرير20/89، والدر20/423.
[53929]:ابن جرير20/89.
[53930]:"صه" على سلمان في "ع" وأثبت في ز، وابن جرير، والدر، وابن كثير. وسلمان الفارسي: صحابي من مقدميهم، كان يسمى نفسه سلمان الإسلام. انظر: طبقات ابن سعد4/53، وتهذيب ابن عساكر 6/188، وحلية الأولياء1/185ن وصفة الصفوة1/210، والأعلام "/169-170.
[53931]:هو عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي، أو يوسف: صحابي أسلم عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان اسمه الحصين فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله. انظر: تهذيب التهذيب 5/249، وصفة الصفوة1/301، وتهذيب ابن عساكر7/443.
[53932]:ز: فكذلك.
[53933]:انظر: ابن جرير20/89.
[53934]:انظر: القرطبي13/296. وابن كثير5/289، والدر20/422.
[53935]:ز: اثني.
[53936]:ز: صلى الله عليه وسلم.
[53937]:ز: مبهم.
[53938]:"لهم" سقطت من ز.
[53939]:"ركبا" سقطت من ز.
[53940]:ز: قوله.
[53941]:ز: لنا.
[53942]:"عليه السلام" سقطت من ز.
[53943]:ز: وعلى القرآن.
[53944]:ز: والتقدير.
[53945]:ز: إذا تتلى.
[53946]:"من" سقطت من ز.
[53947]:انظر: القرطبي13/296، وابن كثير5/289.
[53948]:ز: صلى الله عليه وسلم.
[53949]:ز: من.
[53950]:ز: صلى الله عليه وسلم.
[53951]:ز: وأراكم.
[53952]:"لهم" سقطت من ز.
[53953]:ز: ثم قال.
[53954]:انظر: القرطبي13/296.
[53955]:ز: أربعين.
[53956]:انظر: معجم البلدان5/266.
[53957]:انظر: معجم البلدان 2/213-214.
[53958]:الروم: جيل معروف في بلاد واسعة تضاف إليهم، فيقال: بلاد الروم. انظر: معجم البلدان 3/97.