اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِهِۦ هُم بِهِۦ يُؤۡمِنُونَ} (52)

قوله : «الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ » مبتدأ و «هُمْ » مبتدأ ثان و «يُؤْمِنُونَ » خبره ، والجملة خبر الأول{[40533]} ، و «بِهِ » متعلق ب «يُؤْمِنُونَ » ، وقد يُعَكِّرُ{[40534]} على الزمخشري وغيره من أهل البيان ، حيث قالوا : التقديم يفيد الاختصاص وهنا لا يتأتى ذلك ، لأنهم لو خصُّوا إيمانهم بهذا الكتاب فقط لزم كفرهم بما عداه وهو عكس المراد وقد أبدى أهل البيان هذا في قوله : { آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا } [ الملك : 29 ] فقالوا : لو قدِّم «به » لأوهم الاختصاص بالإيمان بالله وحده دون ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وهذا بعينه جارٍ هنا ، والجواب : أن الإيمان بغيره معلوم فانصبَّ الغرض إلى الإيمان بهذا .

فصل :

قوله : { الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب مِن قَبْلِهِ } أي من قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - وقيل : من قبل القرآن { هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ } ، قال قتادة : نزلت في ( أناسٍ من ){[40535]} أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه{[40536]} . وقال مقاتل : هم أصحاب السفينة الذين قدموا من الحبشة أربعين رجلاً من أهل الإنجيل وآمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم {[40537]}- .

قال سعيد بن جبير : قدموا مع جعفر من الحبشة على النبي صلى الله عليه وسلم{[40538]} فلما رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة قالوا : يا نبيَّ الله إن لنا أموالاً فإن أذنت لنا انصرفنا فجئنا بأموالنا فواسينا المسلمين بها ، فأذن لهم فانصرفوا فأتوا بأموالهم فواسوا بها المسلمين فنزل فيهم { الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب } إلى قوله : { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }{[40539]} ، وعن ابن عباس قال : نزلت{[40540]} في ثمانين من أهل الكتاب أربعون من نجران واثنان وثلاثون من الحبشة وثمانية من الشام{[40541]} ، وقال رفاعة{[40542]} : نزلت في عشرة أنا أحدهم : وصفهم الله فقال :


[40533]:انظر التبيان 2/1022.
[40534]:في ب: تفكر. وهو تحريف.
[40535]:في النسختين: موسى. والتصويب من الفخر الرازي.
[40536]:انظر الفخر الرازي 24/262.
[40537]:انظر البغوي 6/350.
[40538]:في ب: صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم ومجد وعظم.
[40539]:انظر البغوي 6/350.
[40540]:في ب: أنها نزلت.
[40541]:انظر البغوي: 6/350.
[40542]:هو رفاعة بن خديج، صحب النبي –صلى الله عليه وسلم- وعمه ظهير بن رافع وابنه أسيد بن ظهير قد رويا عن النبي – صلى الله عليه وسلم- المعارف لابن قتيبة (317).