الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَقَالُوٓاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلۡهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفۡ مِنۡ أَرۡضِنَآۚ أَوَلَمۡ نُمَكِّن لَّهُمۡ حَرَمًا ءَامِنٗا يُجۡبَىٰٓ إِلَيۡهِ ثَمَرَٰتُ كُلِّ شَيۡءٖ رِّزۡقٗا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (57)

قوله : { نُتَخَطَّفْ } : العامَّةُ على الجزمِ جواباً للشرطِ . والمنقَري بالرفعِ على حَذْفِ الفاءِ كقوله :

مَنْ يَفْعَلِ الحسناتِ اللهُ يَشْكرها *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وكقراءة " يُدْرِكُكُمْ " [ النساء : 78 ] بالرفع أو على التقديم ، وهو مذهب سيبويه .

قوله : { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً } قال أبو البقاء : " عَدَّاه بنفسه لأنه بمعنى جَعَلَ . وقد صَرَّح به في قولِه { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً } [ العنكبوت : 67 ] ومَكَّن متعدٍّ بنفسِه مِنْ غيرِ أنُ يُضَمِّنَ معنى " جَعَلَ " كقوله : { مَكَّنَّاهم } . وقد تقدَّم تحقيقُه في الأنعام .

و " آمِناً " قيل : بمعنى مُؤَمَّن/ أي : يُؤَمَّن مَنْ دخله . وقيل : هو على حَذْفِ مضافٍ أي : آمناً أهلُه . وقيل : فاعِل بمعنى النَّسبِ أي : ذا أَمنٍ .

قوله : { يُجْبَى } قرأ نافعٌ بتاءِ التأنيثِ مراعاةً للفظِ " ثَمَرات " . والباقون بالياء للفَصْلِ ، ولأنه تأنيثٌ مجازيٌ . والجملةُ صفةٌ ل " حرماً " أيضاً . وقرأ العامَّةُ " ثَمَرات " بفتحَتْين . وأبان بضمتين جمع ثُمُر بضمتَيْن . وبعضُهم بفتحٍ وسكونٍ .

قوله : " رِزْقاً " إنْ جَعَلْتَه مصدراً جاز انتصابُه على المصدر المؤكِّد ؛ لأنَّ معنى " يُجْبَى إليه " : يَرْزُقهم ، وأَنْ ينتصِبَ على المفعولِ له . والعاملُ محذوفٌ أي نَسُوْقه إليه رِزْقاً ، وأَنْ يكونَ في موضعِ الحالِ مِنْ " ثَمَرات " لتخصيصِها بالإِضافةِ ، وإنْ جَعَلْتَه اسماً للمرزوقِ انتصبَ على الحال مِنْ " ثَمَرات " .