الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ حَاصِبًا إِلَّآ ءَالَ لُوطٖۖ نَّجَّيۡنَٰهُم بِسَحَرٖ} (34)

قوله : { إِلاَّ آلَ لُوطٍ } : فيه وجهان ، أحدهما : أنه مُتصلٌ ويكون المعنى : أنه أرسل الحاصِبَ على الجميع إلاَّ أهلَه فإنه لم يرسِلْ عليهم . والثاني : أنه منقطعٌ ، ولا أدري ما وجهُه ؟ فإنَّ الانقطاعَ وعدمَه عبارةٌ عن عدم دخولِ المستثنى في المستثنى منه ، وهذا داخلٌ ليس إلا . وقال أبو البقاء : " هو استثناءٌ منقطعٌ . وقيل : متصلٌ ، لأنَّ الجميع أُرْسِلَ عليهم الحاصبُ فهَلَكوا إلاَّ آل لوطٍ . وعلى الوجهِ الأولِ يكون الحاصِبُ لم يُرْسَلْ على آلِ لوطٍ " انتهى . وهو كلامٌ مُشْكِلٌ .

وقوله : { نَّجَّيْنَاهُم } تفسيرٌ وجوابٌ لقائلٍ يقولُ : فما كان مِنْ شأنِ آلِ لوطٍ ؟ كقولِه " أبى " بعد قولِه

{ إِلاَّ إِبْلِيسَ } [ البقرة : 34 ] وقد تقدَّم في البقرة .

" وبسَحَرٍ " الباءُ حاليةٌ أو ظرفيةٌ . وانصرف " سَحَر " لأنه نكرةٌ ، ولو قُصِدَ به وقتٌ بعينِه لمُنعَ للتعريفِ والعَدْلِ عن أل ، هذا هو المشهورُ وزعم صدرُ الأفاضل أنه مبنيُّ على الفتح كأمسِ مبنياً على الكسر .