الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{لَوۡ نَشَآءُ لَجَعَلۡنَٰهُ حُطَٰمٗا فَظَلۡتُمۡ تَفَكَّهُونَ} (65)

قوله : { فَظَلْتُمْ } : هذه قراءةُ العامَّةِ أعني فتحَ الظاء مع لامِ واحدة . وقد تقدَّم الكلامُ عليها مستوفى في طه . وأبو حيوة وأبو بكرٍ في روايةٍ بكسرِ الظاء . وعبد الله والجحدريُّ " فظَلِلْتُمْ " على الأصل بلامَيْن ، أُولاهما مكسورةٌ . ورُوي عن الجحدري فتحُها ، وهي لغةٌ أيضاً .

والعامةُ " تَفَكَّهون " بالهاء ، ومعناه : تَنْدَمون ، وحقيقتُه : تُلْقُون الفُكاهةَ عن أَنْفسِكم ، ولا تُلْقَى الفُكاهةُ إلاَّ من الخِزْيِ فهو من بابِ : تَحَرَّج وتَأَثَّم وتَحَوَّب . وقيل : تَفَكَّهون : تَعْجَبون . وقيل : تَلاومون ، وقيل : تَتَفَجَّعون ، وهذا تفسيرٌ باللازم .

وقرأ أبو حرام العكلي " تَفَكَّنون " بالنون مثل تَتَنَدَّمون . قال ابن خالويه : " تَفَكَّهَ تَعَجَّب ، وتَفَكَّن تندَّمَ " . وفي الحديث : " مَثَلُ العالِمِ مَثَلُ الحَمَّة يَأْتيها البُعَداء ويترُكها القُرَباء . فبيناهُمْ إذ غار ماؤها فانتفع بها قومٌ وبقي قومٌ يَتَفَكَّنون " أي : يَتَنَدَّمون .

/خ70