قوله : { يَوْمَ يُكْشَفُ } : منصوبٌ بقولِه " فَلْيَأْتُوا " أو بإضمار اذْكُرْ ، فيكونُ مفعولاً به أو بمحذوفٍ ، وهو ظرفٌ ، أي : يومَ يُكْشَف يكونُ كَيْتَ وكَيْتَ ، أو بخاشعة ، قاله أبو البقاء . وفيه بَعْدٌ و " عن ساقٍ " قائمٌ مَقامَ الفاعلِ ، وابنُ مسعود وابن أبي عبلة " يَكْشِفُ " بالياءِ مِنْ تحتُ مبنياً للفاعلِ وهو اللهُ . وقرأ ابنُ عباس وعبد الله أيضاً " نكشِفُ " بكسر النون . وعن ابن عباس " تَكْشِفُ " بالتاء من فوق مبنياً للفاعل ، أي : الشدَّةُ والساعةُ . وعنه كذلك أيضاً مبنياً للمفعول وهيُشْكِلَةٌ ؛ لأنَّ التأنيثَ لا معنى له هنا ، إلاَّ أَنْ يُقالَ : إن المفعولَ مستترٌ ، أي : تُكْشَفُ هي ، أي : الشِّدَّةُ .
قوله : { عَن سَاقٍ } ، أي : تَكْشِفُ عن ساقِها ؛ ولذلك قال الزمخشري : " وتكشِفُ بالتاء مبنياً للفاعلِ والمفعولِ جميعاً . والفعلُ للساعةِ ، أو للحال ، أي : تَشْتَدُّ الحالُ أو الساعةُ " . وقُرِىء " يُكْشِفُ " بضمِّ الياء أو التاء وكسرِ الشين ، مِنْ " أَكْشَفَ " إذا دَخَلَ في الكَشْفِ . وأَكْشَفَ الرجلُ : إذا انقلَبَتْ شَفَتُهُ العليا لانكشافِ ما تحتَها . وكَشْفُ الساقِ كنايةٌ عن الشِّدَّةِ ، لا يَمْتري في ذلك مَنْ ذاق طعم الكلامِ ، وسَمعَ قولَ العربِ في نَظْمها ونثرها . قال الراجزُ :
عَجِبْتُ مِنْ نفسي ومن إشفاقِها *** ومِنْ طِرادي الطيرَ عن أَرْزاقِها
في سَنَةٍ قد كَشَفَتْ عن ساقِها *** حمراءَ تَبْرِي اللحمَ عَنْ عُراقها
أخو الحربِ إنْ عَضَّتْ به الحربُ عَضَّها *** وإن شَمَّرَتْ عن ساقِها الحربُ شَمَّرا
كَشَفَتْ لهم عن ساقِها *** وبدا من الشَّرِّ الصُّراحُ
قد شَمَّرَتْ عن ساقِها فَشُدُّوا *** وجَدَّت الحربُ بكم فَجُدُّوا
صبراً أُمامُ إنَّه شرٌّ باقِ *** وقامَتِ الحربُ بنا على ساقِ
قال الزمخشري : " الكَشْفُ عن الساق والإِبداء عن الخِدام مَثَلٌ في شدةِ الأمرِ وصُعوبةِ الخَطْبِ . وأصلُه في الرَّوْعِ والهزيمةِ وتشميرِ المُخَدَّرات عن سُوْقِهِنَّ في الحرب ، وإبداءِ خِدامِهِنَّ عند ذلك .
تُذْهِلُ الشيخَ عن بنيه وتُبْدي *** عن خِدام العَقِليةُ العَذْراءُ
انتهى وما أحسنُ ما أَبْدَى أبو القاسمِ وجهَ علاقةِ هذا المجازِ فللَّه دَرُّه . وما أَوْرَدَه أهلُ التفسير فإنَّه مؤولٌ وكذلك حديثُ ابنِ مسعود ونحوه . قال الزمخشري : " ومَنْ أَحَسَّ بمضارِّ فَقْدِ هذا العِلْمِ عَلِمَ مقدارَ عِظَمِ منافعِه " انتهى . ويعني عِلْمَ البيان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.