الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَغَدَوۡاْ عَلَىٰ حَرۡدٖ قَٰدِرِينَ} (25)

قوله : { عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ } : يجوزُ أَنْ يكونَ " قادرين " حالاً من فاعل " غَدَوْا " . و " على حَرْدٍ " متعلِّقٌ به ، وأَن يكونَ " على حَرْدٍ " هو الحالَ ، و " قادرين " : إمَّا حالٌ ثانيةٌ ، وإمَّا حالٌ مِنْ ضميرِ الحالِ الأولى .

والحَرْدُ فيه أقوال كثيرة ، قيل : الغضبُ والحَنَقُ . وأُنْشد للأشهب ابن رُمَيْلة :

أُسُوْدُ شَرىً لاقَتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ *** تَساقَوْا على حَرْدٍ دماءَ الأساوِدِ

قيل : ومثلُه قولُ الآخرِ :

إذا جِيادُ الخيل جاءتَ تَرْدي *** مملوءَةً مِنْ غَضَبٍ وحَرْد

عَطَفَ لَمَّا تغايرَ اللفظان كقولِه :

4306 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وأَلْفى قولَها كَذِباً ومَيْنا

وقيل : المَنْعُ . مِنْ حارَدَتِ الإِبلُ : قَلَّ لَبَنُها ، والسَّنَةُ : قَلَّ مَطَرُها ، قاله أبو عبيد والقُتبيُّ . ويقال : حَرِدَ بالكسر يَحْرَدُ حَرْداً ، وقد تُفْتح فيقال : حَرَداً ، فهو حَرْدانُ وحارِدٌ . يقال : أسدٌ حارِدٌ ، ولُيوث حَوارِدُ . وقيل : الحَرْدُ والحَرَدُ الانفرادُ . يُقال : حَرَدَ بالفتح ، يَحْرُد بالضم ، حُروداً وحَرْداً وحَرَداً : انعزل ، ومنه كوكبٌ حارِدٌ ، أي : منفردٌ . قال الأصمعي : " هي لغةُ هُذَيْل " . وقيل : الحَرْدُ القَصْدُ . يقال : حَرَد يَحْرِدُ حَرْدَك ، أي : قَصَدَ قَصْدَك ، ومنه :

4307 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** يَحْرِدُ حَرْدَ الجنَّةِ المُغِلَّهْ

وقد فُسِّرت الآيةُ الكريمةُ بجميعِ ما ذَكَرَتْ . وقيل : الحَرْدُ اسمُ جنَّتِهم بعينِها ، قاله السُّدي . وقيل : اسم قَرْيتِهم ، قاله الأزهري . وفيهما بُعْدٌ بعيدٌ . و " قادرين " : إمَّا مِنْ القُدْرَةِ ، وهو الظاهرُ ، وإمَّا مِن التقدير وهو التضييقُ ، أي : مُضَيِّقين على المساكينِ . وفي التفسيرِ قصةٌ توضِّحُ ما ذكرْتُ " .