الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لِلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِمَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُمۡ أَتَعۡلَمُونَ أَنَّ صَٰلِحٗا مُّرۡسَلٞ مِّن رَّبِّهِۦۚ قَالُوٓاْ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلَ بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ} (75)

قوله تعالى : { قَالَ الْمَلأُ } : قرأ ابن عامر وحده : " وقال " بواو عطف نسقاً لهذه الجملة على ما قبلها ، وموافقةً لمصاحف الشام ، فإنها مرسومة فيها . والباقون بحَذْفِها : إمَّا اكتفاءً بالربط المعنويِّ ، وإمَّا لأنه جواب لسؤالٍ مقدر كما تقدَّم نظيره ، وموافقةً لمصاحفهم ، وهذا كما تقدم في قوله : { وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ } [ الأعراف : 43 ] إلا أنه هو الذي حَذَف الواو هناك .

قوله : { لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ } اللام للتبليغ . ويَضْعُف أن تكون للعلة . والسين في " استكبروا " و " استضعفوا " يجوز أن تكونَ على بابِها من الطلب أي : طلبوا أولئك الكِبْرَ من أنفسهم ومن المؤمنين الضعف . ويجوز أن يكون استفعل بمعنى فَعَل كعجب واستعجب .

قوله : { لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ } بدلٌ من " الذين اسْتُضْعِفُوا " بإعادة العامل ، وفيه وجهان أحدهما : أنه بدلُ كل مِنْ كل إن عاد الضمير في " منهم " على قومه ، ويكون المستضعفون مؤمنين فقط . كأنه قيل : قال المستكبرون للمؤمنين من قوم صالح . والثاني : أنه بدلُ بعضٍ من كل إن عادَ الضمير على المستضعفين ، ويكون المستضعفون ضربَيْن : مؤمنين وكافرين ، كأنه قيل :/ قال المستكبرون للمؤمنين من الضعفاء دون الكافرين من الضعفاء .

وقوله : { أَتَعْلَمُونَ } في محلِّ نصب بالقول . و " من ربه " متعلق بمُرْسَل . و " مِنْ " للابتداء مجازاً ، ويجوز أن تكونَ صفةً فتتعلَّق بمحذوف .

قوله : { بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ } متعلِّقٌ ب " مؤمنون " قُدِّم للاختصاص والاهتمام وللفاصلة . و " ما " موصولةٌ . ولا يجوز هنا حَذْفُ العائد وإن اتحد الجارُّ للموصول وعائدِه ؛ لاختلاف العامل في الجارَّيْن . وكذلك قوله : { بِالَّذِي آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } [ الأعراف : 76 ] .