تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لِلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِمَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُمۡ أَتَعۡلَمُونَ أَنَّ صَٰلِحٗا مُّرۡسَلٞ مِّن رَّبِّهِۦۚ قَالُوٓاْ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلَ بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ} (75)

الآية 75 وقوله تعالى : { قال الملأ الذين استكبروا من قومه } قد ذكرنا أن الملأ من قومه هم كبراؤهم وساداتهم استكبروا عليه لما رأوه دون أنفسهم في أمر الدنيا ، فلم يتّبعوه .

وقوله تعالى : { للذين استضعفوا لمن آمن منهم } فيه دلالة أن من المستضعفين من قومه من لم يكن آمن [ في حين ]{[8587]} خص لمن آمن منهم . وفيه أن أول من اتبع الرسل هم الضعفاء [ كذلك كان الأتباع للرسل جميعا الضعفاء ]{[8588]} .

وقوله{[8589]} تعالى : { أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون } قول هؤلاء الذين آمنوا بصالح عليه السلام وصدّقوه برسالته [ وهو يحتمل وجهين :

أحدهما ]{[8590]} : لم يخرج في الظاهر جواب ما سألوا لأنهم قالوا : { أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه } ؟ إنما سألوهم عن علمهم برسالته ، لم يسألوهم عن إيمانهم . فهم إنما أجابوا عن غير ما سألوا في الظاهر .

لكن يجوز أن يكنّى بالعلم [ عن ]{[8591]} الإيمان ، فكأنهم{[8592]} قالوا لهم : تؤمنون بصالح ، وتصدّقونه ؛ لأن العلم بالشيء ، فيه يقع بلا صنع ، والأيمان لا يكون بصنع منهم ، فكأنهم إنما سألوهم عن الإيمان به ، لذلك قالوا : { إنا بما أرسل به مؤمنون } .

والثاني : كأنهم قالوا : بل علمنا أنه مرسل من ربه ، وإنا { بما أرسل به مؤمنون }

وفيه دلالة أن من مكّن له من العلم بأسباب ، جعلت له ، يصل بها إلى العلم به ، لم يعذر{[8593]} بجهله في ذلك بعد ما أعطي أسباب العلم حين{[8594]} قالوا : { أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه } أي لا تعلمون .


[8587]:في الأصل: من حيث.
[8588]:من م: ساقطة من الأصل.
[8589]:في الأصل وم: وقولهم.
[8590]:ساقطة من الأصل وم.
[8591]:من م، ساقطة من الأصل.
[8592]:في الأصل وم: فكانها.
[8593]:في الأصل وم: يقدر.
[8594]:في الأصل وم: حيث.