اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لِلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِمَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُمۡ أَتَعۡلَمُونَ أَنَّ صَٰلِحٗا مُّرۡسَلٞ مِّن رَّبِّهِۦۚ قَالُوٓاْ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلَ بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ} (75)

قوله : " قَالَ المَلأُ " قرأ ابنُ عامرٍ{[16450]} وحدَهُ " وَقَال " بواو عطف نسقاً لهذه الجملة على ما قبلها ، وموافقة لمصاحفِ الشَّام ، فإنها مرسومة فيها ، والباقون بحذفها : إما اكتفاء بالربط المعنوي ، وإمّا لأنَّهُ جواب لسؤال مقدَّر كما تقدَّم ، وهذا موافقة لمصاحفهم ، وهذا كما تقدَّم في قوله : { وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ } إلا أنَّهُ هو الذي حذف الواو هناك .

قوله : { الذين استكبروا مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ استضعفوا } .

السين في " اسْتَكْبَرُوا " و " اسْتُضْعَفُوا " يجوز أن تكون على بابها من الطلب ، أي : طلبوا - أولئك - الكِبْرَ من أنفسهم ومن المؤمنين الضعف .

ويجوزُ أن يكون " اسْتَفْعَلَ " بمعنى : فعل [ كَعَجِبَ ] واسْتَعْجَبَ .

واللاَّم في " الذِينَ اسْتَضْعَفُوا " للتبليغ ، ويضعف أن تكون للعلّة ، والمراد بالذين استكبروا الرّؤساء ، وبالذين استضعفوا المساكين .

قوله : { لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ } بدلٌ من " الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا " بإعادة العامل ، وفيه وجهان :

أحدهما : أنَّهُ بدل كلٍّ من كُلٍّ ، إن عاد الضَّمير في " مِنْهُم " على قومه ، ويكون المستضعفون مؤمنين فقط ، كأنَّهُ قيل : قال المستكبرون للمؤمنين من قوم صالح .

والثاني : بدلُ بعض من كلٍّ ، إنْ عاد الضَّميرُ على المستضعفين ، ويكون المستضعفون ضربين : مؤمنين وكافرين ، كأنَّهُ قيل : قال المستكبرون للمؤمنين من الضُّعَفَاءِ دون الكَافِرينَ من الضُّعفاء .

وقوله : " أتَعْلَمُونَ " في محل نصب بالقول .

و " مِن رَّبِّهِ " متعلق ب " مُرْسَلٌ " ، و " من " لابتداء الغاية مجازاً ، ويجوز أن تكون صفةً فتتعلق بمحذوف .

واعلم أنَّ المستكبرين لمَّا سألوا المُسْتَضْعفين عن حال صالح وما جاء به ، فأجاب المُسْتَضْعَفُون بقولهم : إنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ صالح مؤمنون ، أي : مُصَدّقون ، فقال المستكبرون : بل نحن كافرون بما آمنتم به ، أي : بالذي جاء به صالح .

قوله : { إِنَّما بِمَا أُرْسِلَ بِهِ } متعلق ب " مُؤمِنُونَ " قُدِّم للاختصاص والاهتمام وللفاصلة .


[16450]:ينظر: السبعة 284، والحجة 4/51، 52، وإعراب القراءات 1/193، وحجة القراءات 287، وشرح شعلة 392، والعنوان 96، وإتحاف 2/54.