البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{صٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ذِي ٱلذِّكۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة ص

هذه السورة مكية ،

0

0

بدأ في هذه السورة بالقسم بالقرآن ، لأنه الذكر الذي جاءهم .

قرأ الجمهور : ص ، بسكون الدال .

وقرأ أبي ، والحسن ، وابن أبي إسحاق ، وأبو السمال ، وابن أبي عبلة ، ونصر بن عاصم : ص ، بكسر الدال ، والظاهر أنه كسر لالتقاء الساكنين .

وهو حرف من حروف المعجم نحو : ق ونون .

وقال الحسن : هو أمر من صادى ، أي عارض ، ومنه الصدى ، وهو ما يعارض الصوت في الأماكن الصلبة الخالية من الأجسام ، أي عارض بعملك القرآن .

وعنه أيضاً : صاديت : حادثت ، أي حادث ، وهو قريب من القول الأول .

وقرأ عيسى ، ومحبوب عن أبي عمرو ، وفرقة : صاد ، بفتح الدال ، وكذا قرأ : قاف ونون ، بفتح الفاء والنون ، فقيل : الفتح لالتقاء الساكنين طلباً للتخفيف ؛ وقيل : انتصب على أنه مقسم به ، حذف منه حرف القسم نحو قوله : ألله لأفعلن ، وهو اسم للسورة ، وامتنع من الصرف للعلمية والتأنيث ، وقد صرفها من قرأ صاد بالجر والتنوين على تأويل الكتاب والتنزيل ، وهو ابن أبي إسحاق في رواية .

وقرأ الحسن أيضاً : صاد ، بضم الدال ، فإن كان اسماً للسورة ، فخبر مبتدأ محذوف ، أي هذه ص ، وهي قراءة ابن السميفع وهارون الأعور ؛ وقرأ قاف ونون ، بضم الفاء والنون .

وقيل : هو حرف دال على معنى من فعل أو من اسم ، فقال الضحاك : معناه صدق الله .

وقال محمد بن كعب : مفتاح أسماء الله محمد صادق الوعد صانع المصنوعات .

وقيل : معناه صدق محمد .

قال ابن عباس ، وابن جبير ، والسدّي : ذي الذكر : ذي الشرف الباقي المخلد .

وقال قتادة : ذي التذكرة ، للناس والهداية لهم .

وقيل : ذي الذكر ، للأمم والقصص والغيوب والشرائع وجواب القسم ، قيل : مذكور ، فقال الكوفيون والزجاج : هو قوله : { إن ذلك لحق تخاصم أهل النار } وقال الفراء : لا نجده مستقيماً في العربية لتأخره جداً عن قوله : { والقرآن } .

وقال الأخفش : هو { إن كل إلا كذّب الرسل } ،