البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعۡمَلُونَ} (132)

{ ولكل درجات مما عملوا } أي ولكل من المكلفين مؤمنهم وكافرهم درجات متفاوتة من جزاء أعمالهم وتفاوتها بنسبة بعضهم إلى بعض أو بنسبة عمل كل عامل فيكون هو في درجة فيترقى إلى أخرى كاملة ثم إلى أكمل ، والظاهر اندراج الجن في العموم في الجزاء كما اندرجوا في التكليف وفي إرسال الرسل إليهم .

قال الضحاك : مؤمنو الجن في الجنة كمؤمني الإنس .

وقيل : لا يدخلون الجنة ولا النار يقال لهم كونوا تراباً فيصيرون تراباً كالبهائم .

وقال ابن عباس : جزاء مؤمني الجن إجارتهم من النار .

وقال أبو حنيفة : ليس للجن ثواب لأن الثواب فضل من الله فلا يقال به لهم إلا ببيان من الله ولم يذكر الله في حقهم إلا عقوبة عاصيهم لا ثواب طائعهم وخالفه صاحباه أبو يوسف ومحمد فقالا : لهم ثواب على الطاعات وعقاب على المعاصي ودليلهما عموم الكتاب والسنة .

وقيل : ولكل من المؤمنين خاصة .

وقال الماتريدي : ولكل من الكفار خاصة درجات دركات ومراتب من العقاب مما عملوا من الكفر والمعاصي ، لأنه جاء عقيب خطاب الكفار فيكون راجعاً عليهم .

{ وما ربك بغافل عما يعملون } أي ليس بساه بخفيّ عليه مقادير الأعمال وما يترتب عليها من الأجور وفي ذلك تهديد ووعيد .

وقرأ ابن عامر : تعملون بالتاء على الخطاب .