فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعۡمَلُونَ} (132)

{ ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون 132 وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين 133 إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين 134 } .

{ ولكل } من الجن والإنس ، وقيل من المؤمنين خاصة ، وقيل من الكفار خاصة لأنها جاءت عقيب خطاب الكفار إلا أنه يبعده قوله : { درجات } أي متفاوتة ، وقد يقال إن المراد بها هنا المراتب وإن غلب استعمالها في الخير { مما عملوا } فيجازيهم بأعمالهم كما قال في آية أخرى { ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون } .

وفيه دليل على أن المطيع من الجن في الجنة والعاصي في النار ، قال الضحاك : الجن يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون ، وعن ليث ابن أبي سليم قال : مسلمو الجن لا يدخلون الجنة ولا النار ، وذلك أن الله أخرج أباهم من الجنة فلا يعيده ولا يعيد ولده .

وعن ابن عباس قال : الخلق أربعة فخلق في الجنة كلهم وخلق في النار كلهم وخلقان في الجنة والنار ، فأما الذين في الجنة كلهم فالملائكة ، وأما الذين في النار كلهم فالشياطين ، وأما الذين في الجنة والنار فالإنس والجن لهم الثواب وعليهم العقاب { وما ربك بغافل عما يعملون } من أعمال الخير والشر والغفلة ذهاب الشيء عنك لاشتغالك بغيره ، قيل هذا مختص بأهل الكفر والمعاصي ، ففيه وعيد وتهديد لهم ، والأولى شموله لكل المعلومات على التفصيل التام .