البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لَأُقَطِّعَنَّ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَٰفٖ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (124)

ثم عين ما يفعل بهم فقال مقسماً : { لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين } لما ظهرت الحجة عاد إلى عادة ملوك السوء إذا غلبوا من تعذيب من ناوأهم وإن كان محقّاً ومعنى { من خلاف } أي يد يمنى ورجل يسرى والعكس ، قيل هو أول من فعل هذا ، وقيل المعنى من أجل الخلاف الذي ظهر منكم والصلب التعليق على الخشب وهذا التوعد الذي توعده فرعون السحرة ليس في القرآن نص على أنه أنفذه وأوقعه بهم ولكن روي في القصص أنه قطع بعضاً وصلب بعضاً وتقدم قول قتادة ، وروي عن ابن عباس أنهم أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء ، وقرأ مجاهد وحميد المكي وابن محيصن { لأقطعن } مضارع قطع الثلاثي و { لأصلبنكم } مضارع صلب الثلاثي بضم لام { لأصلبنكم } وروي بكسرها وجاء هنا { ثم } وفي السورتين { ولأصلبنكم } بالواو فدل على أن الواو أريد بها معنى ثم من كون الصلب بعد القطع والتعدية قد يكون معها مهلة وقد لا يكون .