اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَأُقَطِّعَنَّ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَٰفٖ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (124)

ثُمَّ فَسَّرَ هذا المُبْهَمَ بقوله : " لأقَطَّعَنَّ " جاء به في جملةٍ قَسَمِيِّةِ ؛ تأكيداً لِمَا يَفْعَله .

وقرأ مجاهدُ بنُ جبر{[16703]} ، وحميد المكي ، وابنُ مُحَيْصنٍ :

" لأقْطعَنَّ " مخففاً من " قَطَعَ " الثلاثي ، وكذا لأصْلُبَنّكُم من " صَلَبَ " الثلاثي .

رُوي بضم اللام وكسرها ، وهما لغتان في المضارع ، يُقال : صَلَبَهُ يَصْلُبُهُ ويَصْليُهُ .

قوله : " مِنْ خلافٍ " يُحتمل أن يكون المعنى : على أنَّهُ يقطع من كُلِ شقَّ طرفاً ، فيقطع اليدَ اليمنى ، والرِّجل اليسرى ، وكذا هو في التفسير ، فيكونُ الجارُّ والمجرور في محلِّ نصبٍ على الحال ، كأنَّهُ قال : مُختلفةً ، يُحْتملُ أن يكون المعنى : لأقَطَّعَنَّ لأجْلِ مخالفتكم إيَّاي فتكون " مِنْ " تعليليةً وتتعلَّق على هذا بنفس الفعل ، وهو بعيدٌ .

و " أجْمَعِينَ " تأكيدُ أتى به دون كلّ وإن كان الأكثرُ سبقهُ ب " كلّ " وجيء هنا ب " ثُمَّ " ، وفي : طه والشعراء بالواو ، لأن الواو صالحةٌ للمُهْلة ، فلا تَنَافِيَ بين الآيات .

فصل

اختلفوا هل فعل بهم ذلك أم لا ؟ فنقل عن ابْنِ عبَّاسٍ أنَّهُ فعل بهم ذلك{[16704]} .

وقال غيره : لم يقع من فرعون ذلك ، بل استجاب اللَّه دعاءهم في قولهم : " وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ " .


[16703]:ينظر: المحرر الوجيز 2/440، والبحر المحيط 4/365، والدر المصون 3/325، وإتحاف 2/59.
[16704]:ذكره الرازي في تفسيره 14/170.