أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (4)

شرح الكلمات :

{ وإن يكذبوك } : أي يا رسولنا فيما جئت به من التوحيد وعقيدة البعث والجزاء ولم يؤمنوا بك .

{ فقد كذبت رسل من قبلك } : أي فلست وحدك كذبت إذاً فلا تأس ولا تحزن واصبر كما صبر من قبلك .

{ وإلى الله ترجع الأمور } : وسوف يجزى المكذبين بتكذيبهم والصابرين بصبرهم .

المعنى :

لما أقام تعالى الحجة على المشركين في الآيات السابقة قال لرسوله صلى الله عليه وسلم { وإن يكذبوك } بعدما أقمت عليهم الحجة فلست وحدك المكذِّب فقد كذبت قبلك رسل كثيرون جاءوا أقوامهم بالبينات والزبر وصبروا إذاً فاصبر كما صبروا { وإلى الله ترجع الأمور } وسوف يقضى بينك وبينهم بالحق فينصرك في الدنيا ويخذلهم ، ويرحمك في الآخرة ويعذبهم .

الهداية :

من الهداية :

- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم ويدخل فيها كل دعاة الحق إذا كُذِّبوا وأُوذوا فعليهم أن يصبروا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (4)

ولما قررهم على ما تقدم وختم بالتوحيد الذي هو الأصل الأول من أصول الدين ، نبه على أنه المقصود بالذات بذكر ما يعقبه في الأصل الثاني ، وهو الرسالة من تصديق وتكذيب ، فقال ناعياً على قريش سوء تلقيهم لآياته ، وطعنهم في بيناته ، مسلياً له صلى الله عليه وسلم ، عاطفاً على ما تقديره : فإن يصدقوك فهم جديرون بالتصديق لما قام على ذلك من الدلائل ، وشهد به من المقاصد والوسائل : { وإن يكذبوك } أي عناداً وقلة اكتراث بالعواقب فتأسّ بإخوانك { فقد } أي بسبب أنه قد { كذبت رسل } أي يا لهم من رسل ! وبني الفعل للمجهول لأن التسلية محطها ، وقوع التكذيب لا تعيين المكذب ، ونفى أن يرسل غيره بعد وجوده بقوله : { من قبلك } وأفرد التكذيب بالذكر اهتاماً بالتسلية تنبيهاً على أن الأكثر يكذب ، قال القشيري : وفي هذا إشارة للحكماء وأرباب القلوب مع العوام والأجانب من هذه الطريقة فإنهم لا يقبلون منهم إلا القليل ، وأهل الحقائق أبداً منهم في مقاساة الأذية ، والعوام أقرب إلى هذه الطريقة من القراء المتقشفين .

ولما كان التقدير نفياً للتعجب من التكذيب الجاري على غير قياس صحيح : فمن الله الذي لا أمر لأحد معه تصدر الأمور ، عطف عليه قوله مهدداً لمن خالف أمره : { وإلى الله } أي وحده لأن له الأمور كلها { ترجع الأمور * } أي حساً ومعنى ، فاصبر ورد الأمر إلينا بترك الأسباب إلا ما نأمرك به كما فعل إخوانك من الرسل .