تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (4)

الآية 4 وقوله تعالى : { وإن يُكذّبوك فقد كُذّبت رُسل من قبلك } معلوم أنهم كانوا لا يكذّبونه في قوله : { هل من خالقٍ غير الله } [ فاطر : 3 ] ولا في قوله : { ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده } [ فاطر : 2 ] لأنهم كانوا يعلمون أنه ليس من خالق غير الله ، ولا فاتح رحمة سواه ، إذا كان هو ممسكها ، ولا ممسك لها ، إذا كان هو مرسلها .

ولكن إنما يكون تكذيبهم إياه في ما يخبر أنه رسول الله إليهم . كذّبوه في الرسالة أو في ما يُخبِر أنه أوحي إليه من الله كذبا أو في ما يُخبر عن البعث بعد الموت أنه كائن وأمثال ذلك . فأما في ما ذكرنا فلا .

وهو تعزية منه لرسوله ليصبر على تكذيبهم إياه ليعلم أنه ليس بأول مكذَّب . بل قد كان إخوته من قبل [ قد كذّبوا من قبل ]{[17140]} في ما أخبروا قومهم عن الله ، فصبروا على ذلك ، فاصبر أنت أيضا كقوله : { فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل } الآية [ الأحقاف : 35 ] والله أعلم .

وقوله تعالى : { وإلى الله تُرجع الأمور } وإلى الله يرجع تدبير الأمور ، أي لا تدبير للخلق في ذلك . أو يقال : إلى الله يرجع الحكم في الأمور ، هو الحاكم فيها ، كقوله : { وما اختلفتم فيه من شيء فحُكمه إلى الله } [ الشورى : 10 ] والله أعلم .


[17140]:من م، ساقطة من الأصل.