التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَقَلِيلٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ} (14)

{ وقليل من الآخرين } والآخرون المتأخرون من هذه الأمة ، والدليل على ذلك ما روي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الفرقتان في أمتي " وذلك لأن صدر هذه الأمة خير ممن بعدهم فكثر السابقون من السلف الصالح ، وقلوا بعد ذلك ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " ، وقيل : إن الفرقتين في أمة كل نبي فالسابقون في كل أمة يكثرون في أولها ويقلون في آخرها ، وقيل : أن الأولين هم من كان قبل هذه الأمة والآخرين هم هذه الأمة فيقتضي هذا أن السابقين من الأمم المتقدمة أكثر من السابقين من هذه الأمة وهذا بعيد ، وقيل : إن السابقين يراد بهم الأنبياء ، لأنهم كانوا في أول الزمان أكثر مما كانوا في آخره .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَقَلِيلٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ} (14)

قوله : { وقليل من الآخرين } الثلة بمعنى الجماعة الكثيرة . فقد أخبر الله أن السابقين المقربين ثلة ، أي جماعة من الأولين ، وقليل من الآخرين : واختلف أهل التأويل في المراد بالأولين والآخرين وثمة قولان في ذلك : أحدهما : أن المراد بالأولين الأمم الماضية ، وبالآخرين هذه الأمة ، أي أن المقربين أولي الدرجات العالية في الجنة ، كثير منهم من الأولين وهم الأمم السالفة من لدن آدم إلى محمد عليهما الصلاة والسلام ، وقليل منهم من الآخرين أي من هذه الأمة . ونجد بعد التأمل أن في هذا القول نظرا ، لأن هذه الأمة خير الأمم فيبعد أن يكون المقربون في غيرها من الأمم السالفة أكثر منها .

القول الثاني : وهو الراجح . وخلاصته أن الثلة من الأولين ، من صدر هذه الأمة . وأن القليل من الآخرين ، من هذه الأمة أيضا . فالثلة من الأولين والقليل من الآخرين جميعهم من هذه الأمة . والله تعالى أعلم .