تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (36)

وقد أخبر الله عن صاحب تينك الجنتين : أنه كان ذا مال وولد وثمر ، ثم لم تُغن عنه شيئا ، بل سُلب ذلك كله في الدنيا قبل الآخرة ؛ ولهذا قال تعالى هاهنا : { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ } أي : يعطي المال لمن يحب ومَنْ لا يحب ، فيفقر مَنْ يشاء ويغني مَنْ يشاء ، وله الحكمة التامة البالغة ، والحجة الدامغة القاطعة { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونََ } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (36)

وبسط الرزق : تيسيره وتكثيره ، استعير له البسط وهو نشر الثوب ونحوِه لأن المبسوط تكثر مساحة انتشاره .

وقَدْر الرزق : عُسر التحصيل عليه وقلة حاصله ؛ استعير له القَدْر ، أي التقدير وهو التحديد لأن الشيء القليل يسهل عدّه وحسابه ولذلك قيل في ضده { يرزق من يشاء بغير حساب } [ البقرة : 212 ] ، ومفعول { يقدر } محذوف دل عليه مفعول { يبسط } . وتقدم نظيره في سورة الرعد .

ومفعول { يعلمون } محذوف دل عليه الكلام ، أي لا يعلمون أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر باعتبار عموم من يشاء من كونه صالحاً أو طالحاً ، ومن انتفاء علمهم بذلك أنهم توهموا بسط الرزق علامة على القرب عند الله ، وضده علامة على ضد ذلك . وبهذا أخطأ قول أحمد بن الرواندي :

كم عَاقِلٍ عَاقل أعيتْ مذاهبُه *** وجَاهل جَاهل تلقاه مَرزوقا

هذا الذي ترك الأوهام حائرة *** وصيَّر العالم النحرير زنديقا

فلو كان عالماً نحريراً لما تحيّر فهمه ، وما تزندق من ضيق عطن فكره .