تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن يُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (84)

82

{ وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ } وهذا الصنف من النصارى هم المذكورون في قوله [ عز وجل ]{[10220]} { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ [ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِِ ] }{[10221]} الآية [ آل عمران : 199 ] ، وهم الذين قال الله فيهم : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ] }{[10222]} إلى قوله { لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } [ القصص : 52 - 55 ] ؛ ولهذا قال تعالى ههنا : { فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ }{[10223]}


[10220]:زيادة من أ.
[10221]:زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية".
[10222]:زيادة من ر، أ، وفي هـ: "إلى قوله".
[10223]:في ر: "الأنهار خالدين فيها".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن يُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (84)

قولهم { وما لنا } توقيف لأنفسهم أو محاجة لمن عارضهم من الكفار بأن قال لهم آمنتم وعجلتم . فقالوا وأي شيء يصدنا عن الإيمان وقد لاح الصواب وجاء الحق المنير { وما لنا } ابتداء وخبر ، و { لا نؤمن } في موضع الحال ، ولكنها حال هي المقصد وفيها الفائدة : كما تقول جاء زيد راكباً وأنت قد سئلت هل جاء ماشياً أو راكباً . وفي مصحف ابن مسعود «وما لنا لا نؤمن بالله وما أنزل إلينا ربنا » . { ونطمع } تقديره ونحن نطمع . فالواو عاطفة جملة على الجملة لا عاطفة فعل على فعل و «القوم الصالحون » محمد وأصحابه ، قاله ابن زيد وغيره من المفسرين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن يُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (84)

قوله : { وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحقّ } ، هو من قولهم ، فيحتمل أنّهم يقولونه في أنفسهم عندما يخامرهم التردّد في أمر النزوع عن دينهم القديم إلى الدخول في الإسلام . وذلك التردّد يعرض للمعتقد عند الهمّ بالرجوع في اعتقاده وهو المسمّى بالنظر ؛ ويحتمل أنّهم يقولونه لمن يعارضهم من أهل ملّتهم أو من إخوانهم ويشكّكهم فيما عزموا عليه ، ويحتمل أنّهم يقولونه لمن يعيّرهم من اليهود أو غيرهم بأنّهم لم يتصلّبوا في دينهم . فقد قيل : إنّ اليهود عَيّروا النفر الذين أسلموا ، إذا صحّ خبر إسلامهم . وتقدّم القول في تركيب « ما لنا لا نفعل » عند قوله تعالى : { ومالكم لا تُقاتلون في سبيل الله } في سورة النساء ( 75 ) .

وجملة { ونطمَع } يجوز أن تكون معطوفة على جملة { ما لنا لا نؤمن } . ويحتمل أن تكون الواو للحال ، أي كيف نترك الإيمان بالحقّ وقد كنّا من قبل طامعين أن يجعلنا ربّنا مع القوم الصالحين مثل الحواريّين ، فكيف نُفلت ما عَنّ لنا من وسائل الحصول على هذه المنقبة الجليلة . ولا يصحّ جعلها معطوفة على جملة { نؤمن } لئلا تكون معمولة للنفي ، إذ ليس المعنى على ما لنا لا نطمع ، لأنّ الطمع في الخير لا يتردّد فيه ولا يلام عليه حتّى يَحتاج صاحبه إلى الاحتجاج لنفسه بِ ( ما لنا لا نفعل ) .