تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{خَافِضَةٞ رَّافِعَةٌ} (3)

وقوله : { خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ } أي : تحفض{[27981]} أقواما إلى أسفل سافلين إلى الجحيم ، وإن كانوا في الدنيا أعزّاء . وترفع آخرين إلى أعلى عليّين ، إلى النعيم المقيم ، وإن كانوا في الدنيا وضعاء . وهكذا قال الحسن وقتادة ، وغيرهما .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يزيد بن عبد الرحمن بن مصعب المعنى ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ، عن أبيه ، عن سِمَاك ، عن عِكْرِمَة ، عن ابن عباس : { خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ } تخفض أناسًا وترفع آخرين .

وقال عبيد الله{[27982]} العتكي ، عن عثمان بن سراقة ، ابن خالة عمر بن الخطاب : { خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ } [ قال{[27983]} ] : الساعة خفضت أعداء الله إلى النار ، ورفعت أولياء الله إلى الجنة .

وقال محمد بن كعب : تخفض رجالا كانوا في الدنيا مرتفعين ، وترفع رجالا كانوا في الدنيا مخفوضين .

وقال السُّدِّيّ : خفضت المتكبرين ، ورفعت المتواضعين .

وقال العَوْفِيّ ، عن ابن عباس : { خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ } أسمعت القريب والبعيد . وقال عكرمة : خفضت فأسمعت الأدنى ، ورفعت فأسمعت الأقصى . وكذا قال الضحاك ، وقتادة .


[27981]:- (1) في م: "تخفض".
[27982]:- (2) في أ: "عبد الله".
[27983]:- (3) زيادة من م.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{خَافِضَةٞ رَّافِعَةٌ} (3)

وقوله : { خافضة رافعة } رفع على خبر ابتداء ، أي هي { خافضة رافعة } .

وقرأ الحسن وعيسى الثقفي وأبو حيوة : «خافضةً رافعةً » بالنصب على الحال بعد الحال التي هي { لوقعتها كاذبة } ولك أن تتابع الأحوال . كما لك أن تتابع أخبار المبتدأ ، والقراءة الأولى أشهر وأبرع معنى ، وذلك أن موقع الحال من الكلام موقع ما لم يذكر لاستغني عنه وموقع الجمل التي يجزم بها موقع ما يتهمم به{[10875]} .

واختلف الناس في معنى هذا الخفض والرفع في هذه الآية ، فقال قتادة وعثمان بن عبد الله بن سراقة : القيامة تخفض أقواماً إلى النار ، وترفع أقواماً إلى النار ، وترفع أقواماً إلى الجنة . وقال ابن عباس وعكرمة والضحاك : الصيحة تخفض قوتها لتسمع الأدنى وترفعها لتسمع الأقصى . وقال جمهور من المتأولين : القيامة بتفطر السماء والأرض والجبال انهدام هذه البنية ، ترفع طائفة من الأجرام وتخفض أخرى ، فكأنها عبارة عن شدة الهول والاضطراب .


[10875]:قال أبو حيان في "البحر" بعد أن ذكر هذا الكلام نقلا عن ابن عطية:"وهذا الذي قاله سبقه إليه أبو الفضل الرازي".