مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{خَافِضَةٞ رَّافِعَةٌ} (3)

المسألة الخامسة : { خافضة رافعة } تقديره هي خافضة رافعة وقد سبق ذكره في التفسير الجملي وفيه وجوه أخرى ( أحدها ) خافضة رافعة صفتان للنفس الكاذبة أي ليس لوقعتها من يكذب ولا من يغير الكلام فتخفض أمرا وترفع آخر فهي خافضة أو يكون هو زيادة لبيان صدق الخلق في ذلك اليوم وعدم إمكان كذبهم والكاذب يغير الكلام ، ثم إذا أراد نفي الكذب عن نفسه يقول ما عرفت مما كان كلمة واحدة وربما يقول ما عرفت حرفا واحدا ، وهذا لأن الكاذب قد يكذب في حقيقة الأمر وربما يكذب في صفة من صفاته والصفة قد يكون ملتفتا إليها وقد لا يكون ملتفتا إليها التفاتا معتبرا وقد لا يكون ملتفتا إليها أصلا ( مثال الأول ) قول القائل : ما جاء زيد ويكون قد جاء ( ومثال الثاني ) ما جاء يوم الجمعة ( ومثال الثالث ) ما جاء بكرة يوم الجمعة ويكون قد جاء بكرة يوم الجمعة وما جاء أول بكرة يوم الجمعة والثاني دون الأول والرابع دون الكل ، فإذا قال القائل : ما أعرف كلمة كاذبة نفى عنه الكذب في الإخبار وفي صفته والذي يقول : ما عرفت حرفا واحدا نفى أمرا وراءه ، والذي يقول : ما عرفت أعرافة واحدة يكون فوق ذلك فقوله : { ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة } أي من يغير تغييرا ولو كان يسيرا .