السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{خَافِضَةٞ رَّافِعَةٌ} (3)

وقوله تعالى : { خافضة رافعة } تقرير لعظمتها وهو خبر لمبتدأ محذوف أي : هي ، قال عكرمة ومقاتل : خفضت الصوت فأسمعت من دنا ، ورفعت الصوت فأسمعت من نأى يعني : أسمعت القريب والبعيد . وعن السدى خفضت المتكبرين ورفعت المستضعفين .

وقال قتادة : خفضت أقواماً في عذاب الله تعالى ورفعت أقواماً إلى طاعة الله تعالى . وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : خفضت أعداء الله تعالى في النار ورفعت أولياء الله تعالى في الجنة . وقال ابن عطاء : خفضت قوماً بالعدل ورفعت آخرين بالفضل . ولا مانع أنّ كل ذلك موجود فيها والرفع والخفض يستعملان عند العرب في المكان والمكانة والعز والإهانة ؛ ونسب سبحانه وتعالى الخفض والرفع إلى القيامة توسعاً ومجازاً على عادة العرب في إضافتها الفعل إلى المحل والزمان وغيرهما مما لا يمكن منه الفعل ، يقولون : ليل قائم ونهار صائم وفي التنزيل : { بل مكر الليل والنهار } [ سبأ : 33 ] والخافض والرافع في الحقيقة هو الله تعالى ، واللام في قوله تعالى : { لوقعتها } إمّا للتعليل أي : لا تكذب نفس في ذلك اليوم لشدّة وقعتها ، وإمّا للتعدية كقولك ليس لزيد ضارب ، فيكون التقدير إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها أمر يوجد لها كاذب إذا أخبر عنه .

قال الرازي : وعلى هذا لا تكون ليس عاملة في إذا وهي بمعنى ليس لها كاذب .