فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{خَافِضَةٞ رَّافِعَةٌ} (3)

{ خافضة رافعة } قرأ الجمهور برفعهما على إضمار مبتدأ أي هي خافضة ، وقرئ بنصبهما على الحال ، والجملة تقرير لعظمتها ، وتهويل لأمرها ، فإن الوقائع العظام شأنها كذلك ، أو بيان لما يكون يومئذ من حط الأشقياء إلى الدركات ورفع السعداء إلى الدرجات ، ومن زلزلة الأشياء وإزالة الأجرام عن مقارها لنثر الكواكب وإسقاط السماء كسفا ، وغير ذلك ، قال عكرمة والسدي ومقاتل : خفضت الصوت فأسمعت من دنا ، ورفعت الصوت فأسمعت من نأى وقال قتادة : خفضت أقواما في عذاب الله ، ورفعت أقواما إلى طاعة الله . وقال محمد بن كعب : خفضت أقواما كانوا في الدنيا مرفوعين ، ورفعت أقواما كانوا في الدنيا مخفوضين ، والعرب تستعمل الخفض والرفع في المكان والمكانة ، والعز والإهانة ، ونسبة الخفض والرفع إليها على طريق المجاز ، والخافض والرافع في الحقيقة هو الله سبحانه ، قال ابن عباس : { خافضة رافعة } تخفض ناسا وترفع آخرين ، وعنه قال : أسمعت القريب والبعيد ، وعن عمر بن الخطاب قال : الساعة خفضت أعداء الله إلى النار ، ورفعت أولياء الله إلى الجنة .