تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَإِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ} (161)

يقول تعالى مخاطبا للمشركين { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ . إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ } أي : ما ينقاد لمقالكم وما أنتم عليه من الضلالة والعبادة الباطلة من هو أضل منكم ممن ذُري للنار . { لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } [ الأعراف : 179 ] . فهذا الضرب من الناس هو الذي ينقاد لدين الشرك والكفر والضلالة ، كما قال تعالى : { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } [ الذاريات : 8 ، 9 ] أي : إنما يضل به من هو مأفوك ومبطل .

   
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَإِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ} (161)

عُقب قولهم في الملائكة والجن بهذا لأن قولهم ذلك دعاهم إلى عبادة الجن وعبادة الأصنام التي سوّلها لهم الشيطان وحرّضهم عليها الكهانُ خدَمَةُ الجنّ فعقب ذلك بتأييس المشركين من إدخال الفتنة على المؤمنين في إيمانهم بما يحاولون منهم من الرجوع إلى الشرك ، أو هي فاء فصيحة ، والتقدير : إذا علمتم أن عباد الله المخلصين منزّهون عن مثل قولكم ، فإنكم لا تفتنون إلا من هو صالي الجحيم .

فيجوز أن يكون هذا الكلام داخلاً في حيز الاستفتاء من قوله : { فاستفتهم ألربك البنات } [ الصافات : 149 ] الآية . ويجوز أن يكون تفريعاً على قوله : { وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً } [ الصافات : 158 ] الآية . والواو في قوله : { وما تعبُدُونَ } واو العطف أو واو المعية وما بعدها مفعول معه والخبر هو { ما أنتم عليه بفاتِنينَ } .