مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَإِنَّكُمۡ وَمَا تَعۡبُدُونَ} (161)

قوله تعالى : { فإنكم وما تعبدون ، وما أنتم عليه بفاتنين ، إلا من هو صال الجحيم ، وما منا إلا له مقام معلوم ، وإنا لنحن الصافون ، وإنا لنحن المسبحون ، وإن كانوا ليقولون ، لو أن عندنا ذكرا من الأولين ، لكنا عباد الله المخلصين ، فكفروا به فسوف يعلمون }

فيه مسائل :

المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى لما ذكر الدلائل على فساد مذهب الكفار أتبعه بما نبه به على أن هؤلاء الكفار لا يقدرون على حمل أحد على الضلال إلا إذا كان قد سبق حكم الله في حقه بالعذاب والوقوع في النار ، وذكر صاحب «الكشاف » في قوله : { فإنكم وما تعبدون * ما أنتم عليه بفاتنين } قولين الأول : الضمير في { عليه } لله عز وجل معناه فإنكم ومعبوديكم ما أنتم وهم جميعا بفاتنين على الله إلا أصحاب النار الذين سبق في علم الله كونهم من أهل النار ، فإن قيل كيف يفتنونهم على الله ؟ قلنا يفتنونهم عليه بإغوائهم من قولك فتن فلان على فلان امرأته كما تقول أفسدها عليه والوجه الثاني : أن تكون الواو في قوله : { وما تعبدون } بمعنى مع كما في قولهم كل رجل وضيعته ، فكما جاز السكوت على كل رجل وضيعته ، فكذلك جاز أن يسكت على قوله : { فإنكم وما تعبدون } لأن قوله : { وما تعبدون } ساد مسد الخبر ، لأن معناه فإنكم مع ما تعبدون ، والمعنى فإنكم مع آلهتكم أي فإنكم قرناؤهم وأصحابهم لا تتركون عبادتها ،